الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعامل مع نتائج الاستخارة وتقلبات الحياة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

توجهت لكم سابقًا، وشكرًا لمساعدتكم الرحيمة والواقعية.

توجهت لكم سابقًا بخصوص شاب يريد الزواج بي، وقرأت دعاء الاستخارة إن كان خيرًا لي أن يأتي هو وأهله إلى البيت، فأتى هو وأهله، وبعد أن خرجوا دعوت دعاء الاستخارة إن كان خيرًا لي أن نرد الزيارة، وهذه من عادات بلادنا، وتم رد الزيارة بعد شهرين أو ثلاثة بسبب الظروف، وحسب العادات يتم رد الزيارة خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، عند رد الزيارة وفي طريقنا إلى منزلهم استوحشت بُعد المسافة، ودعوت دعاء الاستخارة، وعند الرجوع من منزلهم دعوت دعاء الاستخارة إن كان خيرًا لي أن تتم قراءة الفاتحة.

وبعد أسبوع من رد الزيارة صليت صلاة الاستخارة بخصوص قراءة الفاتحة، ومرّ شهر على الصلاة، ومنذ ذلك الحين حتى الآن أحلم أحلامًا كثيرة بخصوص موضوعي، تعبت من كثرة التفكير خلال الليل والنهار، وتأثير التفكير في أحلامي، أشعر أنه وسواس؛ لأنه مرّ أسبوع خلال هذا الشهر، وكنت منشغلة بإيجاد عمل، فكانت أحلامي عن العمل، وتفكيري خلال النهار بإيجاد عمل، ما نصيحتكم في هذا الأمر؟

السؤال الثاني: موضوع تعليمي، استخرت الله، وتيسر قبولي في الكلية المدنية بشكل معجزة، خلال تعليمي واجهت الكثير من الصعوبات، والظروف القاهرة، فاستخرت ست مرات، وفي المرة الأخيرة بشأن قرار الجامعة بإكمالي التعليم أو طردي، فأكملت ونجحت في متطلباتهم خلال ذلك الفصل، ولكن الآن عند بحثي عن العمل، أشعر أني غير سعيدة، وغير راضية بتعليمي وبتخصصي، وأنني لا أحب العمل في تخصصي، مما سبب لي حالة -والعياذ بالله- من الشك في دعاء الاستخارة؛ لأنه حسب دعاء الاستخارة نقول في آخر الدعاء "ثم رضني به"، فلماذا أنا غير راضية بقدري في تخصصي وعملي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أحلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونحيي ثنائك على ما يقوم به الموقع، ونؤكد أننا في خدمة أبنائنا وبناتنا الذين نتشرف بأن نقدم لهم التوجيهات النافعة؛ لأنهم المستقبل، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهيئ لأمتنا ولأهلنا في فلسطين، وفي كل مكان أمر رشد يعز فيها أهل طاعته، وأن يرينا في أعداء الإسلام عجائب قدرته، وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق والدين، هو ولي ذلك والقادر عليه.

يسعدنا حرصك على صلاة الاستخارة، وحرصك على القرب من الله تبارك وتعالى، ولكن أرجو أن تعلمي أن نتائج الاستخارة ليس من الضروري أن تكون كما يتمناها الإنسان، والاستخارة لا تعني عدم وجود صعوبات، فالصعوبات من طبيعة الحياة.
طُبعتْ على كدر وأنت تريدها ***** صفواً من الأقذار والأكدار
ومُكلّفُ الأيام ضد طباعها ***** مُتطلبٌ في الماء جذوة نار

واهم من يظن أن التعليم ليس فيه صعوبات، وأن الحياة الأسرية ستكون بلا صعوبات، وأن الزواج سيكون بلا صعوبات، هذه طبيعة الحياة، ولكن الإنسان ينبغي أن يبذل الأسباب، ثم يتوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى، واعلمي أن الشيطان له مداخل، وهمه أن يحزن أهل الإيمان، وأن يشوش عليهم، فالإنسان يصلي الاستخارة، ويتوكل على الله، ويتخذ الأسباب، ثم يرضى بما يقدره الله تبارك وتعالى.

أما كثرة السؤال والتشويش والتردد، فهذه أمور أرجو أن لا تقفي عندها طويلًا، فنحن علينا أن نأخذ بالأسباب، ثم نتوكل على الله سبحانه وتعالى، والإنسان ينبغي أن يعمل بعمله، ولا مانع أثناء العمل أن يبحث عن الأجمل والأحسن إن أراد، لكن أن يترك العمل حتى يأتي العمل المفضل له، أو لأنه وجد مضايقات؛ أو واجهته صعوبات، هذا الذي نحذر منه، وتعوذي بالله من العجز والكسل؛ لأن العجز نقص في التخطيط، والكسل نقص في التنفيذ.

واستعيني بالله تبارك وتعالى، واطردي عنك هذه الوساوس، واجتهدي أن تكوني عملية وتمارسي حياتك، وتتأقلمي مع الظروف التي تحدث؛ لأن الإنسان لا يملك تحديد الظروف التي حوله، لكن يملك أن يسعى ويحاول ويبذل الأسباب، ثم يرضى بما يقدره الله، فنسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن إذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا.

وهذه الصعوبات التي تواجه الإنسان ما هي إلا محطات في طريق النجاح، والإنسان يتعلم من أخطائه، ويتعلم من الصعوبات التي تواجهه، والسعادة هي نبع النفوس المؤمنة بالله، الراضية بقضائه وقدره، المواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته، فاستمري فيما أنت عليه من الخير، وأكثري من الاستغفار، والصلاة والسلام على رسولنا المختار، ومن الحوقلة: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، ثم قومي بما عليك، وكوني راضية بالنتائج التي يقدرها الله.

ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات