الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يمكنني التغلب على التوتر والوسواس؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود أن أشكركم على إجابتكم على أسئلتي في رسالتي السابقة، وعلى سرعة الإجابة، وسأحاول أن أطبق نصائحكم حول موضوع الوسواس.

لدي أمر أشكل علي، وأريد أن أعرضه عليكم، وأتمنى أن تفيدوني، جزاكم الله خيراً.

عندما بدأت أعاني من الوسواس، بدأت ألاحظ شيئاً، وهو عندما يحين وقت الصلاة أبدأ بالتوتر بشكل غير إرادي؛ لأني طبعاً أعاني من الوسواس، فأنا أخشى أن يُنقض وضوئي أو أخطئ في الصلاة، وحتى يأتيني الوسواس في الصلاة.

لذا مهما حاولت أن أتحكم في توتري لا أستطيع، ويزعجني أنه عندما أتوتر تؤلمني بطني بشدة؛ بحيث أحس أن الغازات كثرت بشكل مرعب، وهذا يتكرر جداً، حتى إن هذا صار مزعجاً!

فكيف يمكنني التغلب على التوتر عموماً، والتخفيف منه؟ وهل يمكن أن يكون سبباً في أن تؤلمني بطني بشدة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وصال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونرحب بك مرة أخرى في إسلام ويب.

القلق الذي يعتريك قبل الصلاة أو عند ما يحين وقت الصلاة؛ هذا التوتر الشديد -وهو بالفعل جزء منه كبير غير إرادي- هو الذي يُحفّز الوسواس، فالقلق هو الطاقة التي من خلالها ينطلق الوسواس؛ لذا تحسّين بهذا التوتر، والقلق -أو التوتر هذا-.

عليك أن تتعاملي معه من خلال الأسس العلاجية التي ذكرناها، حاولي أن تُحقّريه، أن تتجاهليه، أن تصرفي الانتباه عنه، مثلًا بأخذ نفس عميق وبطيء، وأن تُنفّري هذا التوتر، مثلًا من خلال أن تقومي بحركة في اليدين كشدِّ العضلات بشدة ثم إطلاقها، وهكذا.

التوتر يُعالج بهذه الكيفية، ولا أريدك أن تكوني رتيبة أو نمطية التفكير، بمعنى أنه قبل وقت الصلاة في كل مرَّةٍ سيأتيك هذا التوتر، هذا ليس بالضرورة أبدًا.

إذا قمت ببرمجة قوتك المعرفية على هذه الشاكلة -أي إذا أتاك الاعتقاد بأنه حين يحين وقت الصلاة في كل وقت سيأتيك هذا التوتر- هذا سيزيد من هذا التوتر، لكن إذا تجاهلتِ، وإذا تحدثت مع نفسك أن هذا أمر عادي، وهو جزء من الوساوس، وتكرار عبارة، أنا لن أُكافئك أيها الوسواس، أنا لن أحترم الوساوس، أنا لن أجعل الوساوس جزءاً من حياتي؛ قطعًا هذا سيُؤدّي إلى إزالة التوتر.

أريدك أن تُطبقي برامج الاسترخاء (2136015)، الاسترخاء التنفُّسي على وجه الخصوص، ممكن بعد الأذان للصلاة أو حين يأتي وقت الصلاة، يمكن أن تُطبقي هذا التمرين، وهو لا يستغرق أكثر من ثلاث دقائق.

اجلسي في مكان هادئ، داخل الغرفة، وتأمّلي في شيءٍ جميل، تأمّلي في أنك -إن شاء الله تعالى- ستُؤدّين صلاتك على أفضل ما يكون، وأيضًا تأمّلي في عظمة الصلاة، وأنها عماد الدّين، وأنها أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة، فإن صلُحت صلح سائر أعماله، وعلى ضوء هذا ومعرفة هذا سيكون أداؤك للصلاة أفضل.

تأمّلي في هذه الأقوال العظيمة حول الصلاة وأهمية الصلاة، وتذكري أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا حزبه - اشتد- أمر فزع إلى الصلاة، وكان يقول: (وجُعِلت قُرةُ عيني في الصلاة)، وكان يقول لبلال بن رباح رضي الله عنه، مؤذن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أرحنا بها يا بلال).

بعد ذلك أغمضي عينيك، ليس بشدة، وافتحي فمك قليلًا، وضعي يديك على صدرك دون أن تقومي بأي نوع من الشدِّ أو الضغط على اليدين، ثم خذي نفسًا عميقًا وبطيئًا عن طريق الأنف، وهذا هو الشهيق، ويجب أن يستغرق ثماني ثوانٍ: نفس شديد عميق عن طريق الأنف، وأنت في حالة استرخاء، بعد ذلك احصري الهواء في صدرك لمدة أربع ثوانٍ، ثم أخرجي الهواء بقوة وبطئ عن طريق الفم، وهذا هو الزفير، ويجب أن يستغرق الزفير أيضًا ثمان ثوانٍ.

إذًا شهيق ثمان ثوانٍ، ثم حصر للهواء في الصدر لمدة أربع ثوانٍ، ثم إخراج -أو ما يُعرف بالزفير- ثمان ثوانٍ.

كرري هذا التمرين خمس مرات متتالية، ثم اذهبي إلى صلاتك دون أي إشكال، هذا تمرين مفيد، تمرين ممتاز، تمرين سيُجهض تمامًا هذا النوع من التوتر الذي يأتيك قبل الصلاة.

الأفكار الوسواسية التي تنتابك في هذا الخصوص يجب أن تُطبقي عليها التمارين الثلاثة التي ذكرناها، وهي: التحقير، والتجاهل، وصرف الانتباه والتنفير، هذه مفيدة جدًّا، وكما ذكرتُ لك في الاستشارة الأخرى؛ فإن تناول عقار مثل الـ (فلوفكسمين) سيكون مفيدًا جدًّا حتى في علاج التوتر، سيختفي هذا التوتر تمامًا، وكذلك الوسواس.

نحن سعداء بثقتك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية، وما شاء الله أنت صغيرة في السنِّ، ولديك واجبات دراسية وأشياء كثيرة في الحياة، فيجب أن تصرفي انتباهك تمامًا لهذه الأشياء الضرورية في حياتك، وتحسني إدارة وقتك، وإن شاء الله تعالى هذا الوسواس أصلًا من وجهة نظري هو عابر، ولن يستمر معك طويلًا، لكن نحن كثّفنا لك العلاجات السلوكية، وذكرنا أيضًا عن أهمية العلاج الدوائي من أجل أن تتخلصين منه في وقت مبكّر، وتستفيدي من طاقاتك لتُديري حياتك بصورة ممتازة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً