الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد الالتزام دينياً ولكني لا أعرف نقطة البداية.. أرشدوني

السؤال

السلام عليكم

أريد أن ألتزم دينياً، ولكن لا أعرف من أين أبدأ؟! علماً بأني مواظب على الصلاة في مواعيدها، وأحفظ جزء عم، وأول جزء من سورة البقرة. أريد أن أحفظ القرآن الكريم كاملاً، وأريد أن أكون على علم بكل أوامر ربنا، وكل ما نهانا عنه.

كيف أتعامل مع مواقع التواصل (السوشيال ميديا)؟ هل أقفلها تماماً؟ وهل توجد تطبيقات معينة يسمح بها؟ أريد أن أعرف كل شيء، وهل حرام لو تابعت قنوات نساء محجبات، فيها تقديم محتوى تعليمي؟ وكم هي المدة المسموح بقضائها مع (السوشيال ميديا)؟ أريد نصائح عن ماذا أفعل في أوقاتي الترفيهية؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي العزيز- في استشارات إسلام ويب.

اعلم -وفقك الله-، أن الالتزام والاستقامة على طاعة الله ينبغي أن يكون ذلك هو الأصل في كل مسلم ومسلمة، يقول الله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، وحتى تبدأ في طريق الاستقامة والالتزام لا بد لك من "التخلية والتحلية"، فالتخلية تبدأ بالتوبة، والابتعاد عن الذنوب والمعاصي، وكل ما يفسد النفس، ثم التحلية ببناء النفس بالطاعات، وتزكيتها بسائر العبادات والصالحات.

حتى تحقق ذلك لا بد من الخطوات الآتية، لكي تصل إلى قطف ثمار الالتزام وتحقيق غايته:

أولاً: الإخلاص لله، بأن يكون التزامك واستقامتك ابتغاء وجه الله، لا رياء ولا سمعة، ولا لقصد دنيا أو منفعة دنيوية.

ثانياً: تبدأ بأداء ما افترضه الله عليك قبل أي نافلة، جاء في الحديث القدسي: (وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه..)، وحتى تعرف الفرائض والسنن والواجبات والمكروهات، وغيرها من أحكام الدين، ستحتاج إلى طلب العلم، وبه تميز بين الحلال والحرام، وتعبد الله على بصيرة وفهم، وتتجنب مفسدات العمل، ومكائد الشيطان، فلا بد من الحرص على مجالس العلماء، والدروس والمحاضرات، مع ضرورة التدرج في الطلب والترقي في العلم.

ثالثاً: عليك بالإكثار من الأعمال الصالحة ونوافل العبادات، كقراءة القرآن وحفظه، وصيام الاثنين والخميس، ومداومة الذكر لله على كل حال، وفي أدبار الصلوات والخلوات.

رابعاً: نظّم حياتك بين أداء العبادات، وبناء النفس، وتهذيبها وطلب العلم، وصلة الأرحام، وتنمية مهاراتك الحياتية والمهنية، وهذا يحتاج منك لعمل برنامج يومي، ترتب فيه أولوياتك، وتستثمر فيه وقتك، وننصحك لتحقيق ذلك الآتي:

- حدد لك أهدافاً مرحلية قصيرة، يمكن تحقيقها بفترة زمنية محددة، حتى تشعر بالإنجاز والتقدم.
- اعتن بوقتك من خلال عمل جدول، تحدد فيه وقت القراءة وطلب العلم، ووقت الترويح عن النفس بالأعمال المباحة والحلال، كممارسة الرياضة، أو زيارة الأصدقاء، أو التنزه.
- تجنب من يسرق منك الوقت، أو يضعف همتك في الالتزام، أو يقربك من المعاصي، مثل أصدقاء السوء، أو الأفلام أو الانشغال بمواقع التواصل الاجتماعي دون فائدة.

أخي الكريم: مواقع التواصل الاجتماعي فيها الحسن وفيها القبيح وفيها المفيد وفيها الفساد، وفيها المحرمات وفيها الحلال، لذلك ينبغي أن تكون حريصاً على الخير، ولا تقترب من الحرام، حتى لا تضعف نفسك في هذا السن الذي يوصف بالاندفاع والمراهقة، فمتابعة النساء حتى لو كن محجبات يُخشى معه ضعف القلب وإطلاق البصر في الحرام، لذلك الابتعاد عنه أولى، والاكتفاء بمتابعة العلماء والصالحين، ومن يبني روحك وعقلك ويطور مهاراتك.

لا بد أن تعلم أن حقيقة الالتزام وغايته امتثال أمر الله والتعبد له، وتهذيب وتنقية النفس من أدرانها، لا أن يكون الالتزام شكلياً لا يهذب السلوك أو يصرف الإنسان عن الظلم والفساد، ولا تنس مداومة الدعاء والتضرع إلى الله تعالى بالثبات وحسن العاقبة.

أسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً