السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو من حضراتكم أن يتسع صدركم لسماع مشكلتي، فقد ذهبت إلى عدة أطباء نفسيين، ولكن ما بداخلي لا أستطيع البوح به لأي أحد وجها لوجه.
أنا أعمل معيدة بإحدى الكليات العملية، دفنت نفسي منذ الصغر في المذاكرة، وبِّت أكره الحياة وأبتعد عن الناس تدريجيا لأسباب عديدة، أحدها مشاكل البيت ومشاجرات والدي المستمرة، وطريقة معاملتهما لبعضهم ولنا كذلك، التي جعلتني أشعر أن الحياة ليست فيها أي بهجة أو سعادة.
زادت وحدتي وعزلتي بمرور الوقت، علما بأن لدي أخوين وليس لدي أخت، حلمت منذ الصغر بالمستقبل السعيد الباهر المشرق والفارس النبيل، ثم أيقنت أن هذا كله مجرد وهم لا أساس له، ولا يمكن أن يكون ومن هو الشخص الذي يمتلك كل هذه المواصفات وسينظر إلى أسرتنا؟ علما بأن والدي يشغلان مناصب محترمة، ولكننا أسرة لا يسودها ذلك الود والدفىء الذي أشاهده بين الناس، ولا حتى في المسلسلات والدراما، فلا يوجد بيننا أي حديث أو مرح أو تفاهم.
المشكلة زادت عندما بدأت أكره نفسي وجسمي -اعذروني على كلامي هذا فأنا لا أستطيع عن أتفوه به لأي أحد- كرهت جسمي بشدة حتى أنني دائما اشتري ملابسي بمقاسات أكبر حتى تخفي معالم جسمي قدر المستطاع، بل وفكرت كثيرا في إجراء عملية لاستئصال صدري الذي أكرهه بشدة وأعتبره شيء سيء ويجلب لي العار، بل تقوس ظهري وكتفي والكل لاحظ وعلق على هذا التشوه الذي أصابني وقد كنت أثني وأحني ظهري لأخفي صدري عن أعين الناس حتى لا ينظروا إليّ كامرأة ناضجة، وأنا ما زلت صغيرة، ولكن المشكلة استمرت معي حتى الآن، والكثيرون يعلقون على مظهري الغريب.
تخيلت يوما أن أمي ستدرك مشكلتي، ولكنها دائما ما كانت تخيب ظني وأملي، لدرجة أنني عندما بلغت أخفيت عنها الأمر لمدة 3 سنوات كاملة، لأنني اعتبرت الأمر مخجل ومحرج للغاية، تفاقمت الأمور بعد تخرجي من الجامعة، زادت الوحدة، وزاد القلق وفقدان الثقة بالنفس والعصبية وكذلك خلافاتي المنزلية، فقد بدأت تطرأ فكرة الزواج، شعرت أمي أن حالة الاكتئاب والمزاج السيء أصبحت خارج السيطرة، وهي لا تدرك كالعادة لا هي ولا والدي سبب ما أمر به.
ذهبت لأكثر من طبيب وأخذت أدوية للاكتئاب بل والفصام أيضا، وكانت الفترة الأسوأ في حياتي، تحسنت وقرر الطبيب وقف العلاج، لكن الأفكار لم تتغير، وكلما طرحت فكرة الزواج أنهار، وأصرخ ونتشاجر دون جدوى، لم تدرك أمي مشكلتي الحقيقية ولم أستطع أن أشكو للأطباء ما أنا فيه.
أنا أكره فكرة الارتباط بشخص أو عائلة لا أعرفها، ولا أتخيل نفسي مع شخص غريب لا أعرفه، وأعتبر الزواج وما يتضمنه من ممارسات وإنجاب أمر مقزز، لا يصح ولا يحتمل ولا أستطيع تخيل نفسي هكذا أبدا، لدرجة أنني عندما كنت أحتاج للكشف لدى طبيبة سيدة كنت أرفض بشدة إظهار أو كشف جسمي، لدرجة أنه في إحدى المرات وبختني الطبيبة بشدة، وطردتني من العيادة وقالت بالحرف الواحد: " كيف سوف تتزوجين وتنجبين؟"، رغم أن ملامحي هادئة جدا وجميلة -والحمد لله-، أمي ستجن بسبب رفضي فكرة الزواج، وحتى رفضي مقابلة أي شخص يعرضونه علي، وكل نقاشاتنا تنتهي بمشكلة أو كارثة لأنها تستفزني وتثير أعصابي ولا تتفهمني أبدا.
أتمنى أن أجد لديكم العون والمساعدة، فقد عدت لأدوية الاكتئاب تحت إشراف طبي بالتأكيد، ولكن ما أعانيه أكبر من الأدوية.
جزاكم الله خيرا.