مسألة : قال الشافعي : " وعماد القسم الليل ؛ لأنه سكن فقال : أزواجا لتسكنوا إليها " .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، ، وينصرف لنفسه نهارا ؛ لأن الليل زمان الدعة والإيواء ، والنهار زمان المعاش والتصرف ، قال الله تعالى : على الزوج في زمان القسم أن يأوي إليها ليلا وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا [ النبأ : 10 ، 11 ] . وفي اللباس تأويلان :
أحدهما : الإيواء في المساكن ، وإلى سكنه ، فصار كاللابس لمسكنه ولزوجته .
والثاني : أنه يتغطى بظلمة الليل كما يتغطى باللباس .
وقال تعالى : ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها [ الروم : 21 ] . والسكن يكون في الليل ، ولأن الليل زمان الدعة والإيواء ، فوجب أن يكون عمدة القسم ، ولأن السيد لو زوج أمته لزمه تمكين الزوج منها ليلا ، وكان له استخدامها نهارا فعلم أن الليل عماد القسم ، فلا يجوز له في الليل أن يخرج فيه من عند [ ص: 574 ] التي قسم لها إلا من ضرورة ، فأما النهار فله أن يتصرف فيه بما شاء ، ويدخل فيه إلى غيرها من نسائه من غير أن يتعرض فيه لوطئها .
روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت : . قل يوم إلا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على نسائه ، فيدنو من كل امرأة منهن ، فيقبل ويلمس من غير مسيس ولا مباشرة ، ثم يبيت عند التي هو يومها
فإن كان في الناس من ينصرف في معاشه ليلا ، ويأوي إلى مسكنه نهارا كالحراس ، وصناع البزر ، ومن جرى مجراهم ، فعماد هؤلاء في قسمهم النهار دون الليل ؛ لأنه زمان سكنهم ، والليل زمان معاشهم .