[ ص: 130 ] ثم دخلت سنة ثلاث عشرة وسبعمائة
استهلت والحكام هم هم ، والسلطان في الحجاز لم يقدم بعد ، وقد قدم الأمير سيف الدين قجليس يوم السبت مستهل المحرم من الحجاز ، وأخبر بسلامة السلطان ، وأنه فارقه من المدينة النبوية ، وأنه قد قارب البلاد ، فدقت البشائر فرحا بسلامته ، ثم جاء البريد فأخبر بدخوله إلى الكرك ثاني المحرم يوم الأحد ، فلما كان يوم الثلاثاء حادي عشر المحرم دخل دمشق ، وخرج الناس لتلقيه على العادة ، وقد رأيته مرجعه من هذه الحجة على شفته ورقة قد ألصقها عليها ، فنزل بالقصر ، وصلى الجمعة رابع عشر المحرم بمقصورة الخطابة ، وكذلك الجمعة التي تليها ، ولعب في الميدان بالكرة يوم السبت النصف من المحرم ، وولى نظر الدواوين للصاحب شمس الدين غبريال يوم الأحد سادس عشر المحرم ، وشد الدواوين لفخر الدين أياس الأعسري عوضا عن القرماني ، وسافر القرماني إلى نيابة الرحبة ، وخلع عليهما وعلى وزيره ، وخلع على ابن صصرى ، وعلى الفخر كاتب المماليك ، وكان مع السلطان في الحج ، وولى شرف الدين بن [ ص: 131 ] صصرى حجابة الديوان ، وباشر فخر الدين بن شيخ السلامية نظر الجامع ، وباشر بهاء الدين بن عليمة نظر الأوقاف ، والمنكورسي شد الأوقاف .
وتوجه السلطان راجعا إلى الديار المصرية بكرة الخميس السابع والعشرين من المحرم ، وتقدمت الجيوش بين يديه ومعه .
وفي أواخر صفر اجتاز على البريد في الرسلية إلى مهنا الشيخ صدر الدين بن الوكيل ، وموسى بن مهنا ، والأمير علاء الدين ألطنبغا ، فاجتمعوا به في تدمر ، ثم عاد ألطنبغا وابن الوكيل إلى القاهرة ، ثم عاد صدر الدين إلى مهنا ، ورجع من عنده في رجب إلى القاهرة .
وفي أواخر جمادى الآخرة مسك أمين الملك وجماعة من الكتاب معه ، وصودروا بأموال كثيرة ، وأقيم عوضه بدر الدين بن التركماني الذي كان والي البحرية . وفي رجب كملت أربعة مجانيق ، واحد لقلعة دمشق ، وثلاثة تحمل إلى الكرك ، ورمي باثنين على باب الميدان ، وحضر نائب السلطنة تنكز والعامة . وفي شعبان تكامل حفر النهر الذي عمله سودي نائب حلب بها ، وكان طوله من نهر الساجور إلى نهر قويق أربعين ألف ذراع في عرض ذراعين وعمق ذراعين ، وغرم عليه ثلاثمائة ألف درهم ، وعمل بالعدل ولم يظلم فيه أحدا .
[ ص: 132 ] وفي يوم السبت ثامن شوال خرج الركب من دمشق وأميره سيف الدين بلبان التتري ، وحج صاحب حماة في هذه السنة وخلق من الروم والغرباء وغيرهم .
وفي يوم السبت السادس والعشرين من ذي الحجة وصل القاضي قطب الدين موسى بن شيخ السلامية من مصر على نظر الجيوش الشامية كما كان قبل ذلك ، وراح معين الدين بن الحشيش إلى مصر في رمضان صحبة الصاحب شمس الدين غبريال ، وبعد وصول ناظر الجيوش بيومين وصلت المناشير بمقتضى إراكة الإقطاعات الشامية على ما رآه السلطان بعد نظره في ذلك بنفسه أربعة أشهر .