الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
128 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=18577خمس من الفطرة : الاستحداد ، والختان ، وقص الشارب ، ونتف الإبط وتقليم الأظفار } . رواه الجماعة ) .
قوله : ( خمس من الفطرة ) قد تقدم الكلام فيه في أول أبواب السواك والمراد بقوله : ( خمس من الفطرة ) في حديث الباب أن هذه الأشياء إذا فعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله العباد عليها وحثهم عليها واستحبها لهم ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها صورة . وقد رد nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي الفطرة في حديث الباب إلى مجموع ما ورد في معناه مما تقدم فقال : هي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع فكأنها أمر جبلي ينطوون عليها ، وسوغ الابتداء بالنكرة في قوله : خمس أنه صفة موصوف محذوف والتقدير خصال خمس ثم فسرها أو على الإضافة : أي خمس خصال ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف والتقدير الذي شرع لكم خمس .
قوله : ( nindex.php?page=treesubj&link=754_753_752الاستحداد ) هو حلق العانة سمي استحدادا لاستعمال الحديدة وهي الموسى وهو سنة بالاتفاق ، ويكون بالحلق والقص والنتف والنورة . قال النووي : والأفضل الحلق ، والمراد بالعانة الشعر فوق ذكر الرجل وحواليه ، وكذلك الشعر الذي حول فرج المرأة . ونقل عن أبي العباس بن سريج أنه الشعر النابت حول حلقة الدبر .
قال النووي : فيحصل من مجموع هذا استحباب nindex.php?page=treesubj&link=753حلق جميع ما على القبل والدبر وحولهما انتهى . وأقول : الاستحداد إن كان في اللغة nindex.php?page=treesubj&link=753_752حلق العانة كما ذكره النووي فلا دليل على سنية nindex.php?page=treesubj&link=753حلق الشعر النابت حول الدبر ، وإن كان الاحتلاق بالحديد كما في القاموس فلا شك أنه أعم من حلق العانة ، ولكنه وقع في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغيره بدل الاستحداد في حديث ( عشر من الفطرة : حلق العانة ) فيكون مبينا لإطلاق الاستحداد في حديث : ( خمس من الفطرة ) فلا يتم دعوى سنية حلق شعر الدبر أو استحبابه إلا بدليل ولم نقف على حلق شعر الدبر من فعله صلى الله عليه وسلم ولا من فعل أحد من أصحابه .
قوله : ( nindex.php?page=treesubj&link=738_737والختان ) اختلف في وجوبه وسيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعد هذا . والختان : قطع جميع الجلدة التي تغطي الحشفة حتى ينكشف جميع الحشفة ، وفي [ ص: 142 ] المرأة قطع أدنى جزء من الجلدة التي في أعلى الفرج . قوله : ( nindex.php?page=treesubj&link=758وقص الشارب ) هو سنة بالاتفاق والقاص مخير بين أن يتولى ذلك بنفسه أو يوليه غيره لحصول المقصود بخلاف الإبط والعانة ، وسيأتي مقدار ما يقص منه في باب أخذ الشارب .
قوله : ( nindex.php?page=treesubj&link=26883_764_763ونتف الإبط ) هو سنة بالاتفاق أيضا قال النووي : والأفضل فيه النتف إن قوي عليه ، ويحصل أيضا بالحلق والنورة . وحكي عن يونس بن عبد الأعلى قال : دخلت على nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وعنده المزين يحلق إبطه فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : علمت أن السنة النتف ولكن لا أقوى على الوجع ويستحب أن يبدأ بالإبط الأيمن لحديث التيمن وفيه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=28331كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله } وكذلك يستحب أن يبدأ في قص الشارب بالجانب الأيمن لهذا الحديث .
قوله : ( nindex.php?page=treesubj&link=778تقليم الأظفار ) وقع في الرواية الآتية في صحيح مسلم وغيره قص الأظفار وهو سنة بالاتفاق أيضا ، والتقليم تفعيل من القلم وهو القطع . قال النووي : ويستحب أن يبدأ باليدين قبل الرجلين فيبدأ بمسبحة يده اليمنى ثم الوسطى ثم البنصر ثم الخنصر ثم الإبهام ثم يعود إلى اليسرى فيبدأ بخنصرها ثم بنصرها إلى آخره ، ثم يعود إلى الرجل اليمنى فيبدأ بخنصرها ويختم بخنصر اليسرى انتهى .
129 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=41682nindex.php?page=treesubj&link=26312_26314_26311_756وقت لنا في قص الشارب ، وتقليم الأظفار ، ونتف الإبط ، وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة } . رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وأبو داود وقالوا : وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
قوله : ( وقت لنا ) في الرواية الأولى على البناء للمجهول وقد وقع خلاف في علم الأصول والاصطلاح هل هي صيغة رفع أو لا ، والأكثر أنها صيغة رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم إذا قالها الصحابي مثل قوله : أمرنا بكذا ونهينا عن كذا . وقد صرح في الرواية الثانية من حديث الباب بأن الموقت هو النبي صلى الله عليه وسلم فارتفع الاحتمال ، لكن في إسنادها صدقة بن موسى أبو المغيرة ، ويقال : أبو محمد السلمي البصري الدقيقي ، قال nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين : ليس بشيء . وقال مرة : ضعيف .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ضعيف . وقال الترمذي : ليس بالحافظ . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي : لين الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به ليس بالقوي . وقال أبو حاتم بن حبان : كان شيخا صالحا إلا أن الحديث لم يكن صناعته فكان إذا روى قلب الأخبار حتى خرج عن حد الاحتجاج به .
وقد أخرج الرواية الأولى في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن يحيى بن يحيى nindex.php?page=showalam&ids=16818وقتيبة كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=15634جعفر بن سليمان عن nindex.php?page=showalam&ids=12107أبي عمران الجوني عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك [ ص: 143 ] بذلك اللفظ . قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : قال nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي : في حديث جعفر هذا نظر . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر بن عبد البر لم يروه إلا nindex.php?page=showalam&ids=15634جعفر بن سليمان وليس بحجة لسوء حفظه وكثرة غلطه .
قال النووي : وقد وثق كثير من الأئمة المتقدمين nindex.php?page=showalam&ids=15634جعفر بن سليمان ويكفي في توثيقه احتجاج nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم به وقد تابعه غيره انتهى .
قوله : ( أن لا نترك ) قال النووي : معناه : تركا نتجاوز به أربعين لا أنه وقت لهم الترك أربعين ، قال : والمختار أنه يضبط بالحاجة والطول فإذا طال حلق . انتهى .
قلت : بل المختار أنه يضبط بالأربعين التي ضبط بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجوز تجاوزها ولا يعد مخالفا للسنة من ترك القص ونحوه بعد الطول إلى انتهاء تلك الغاية .
130 - ( وعن زكريا بن أبي زائدة عن مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21604عشر من الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظفار ، وغسل البراجم ، ونتف الإبط وحلق العانة ، وانتقاص الماء يعني الاستنجاء - قال زكريا : قال مصعب : ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي والترمذي ) . الحديث أخرجه أيضا أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=56عمار وصححه nindex.php?page=showalam&ids=12757ابن السكن قال الحافظ : وهو معلول ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس موقوفا في تفسير قوله تعالى: { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات } - " قال : خمس في الرأس وخمس في الجسد " فذكره وقد تقدم الكلام على قص الشارب والسواك وقص الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة .
قوله : nindex.php?page=treesubj&link=25493 ( وإعفاء اللحية ) إعفاء اللحية توفيرها كما في القاموس ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري { nindex.php?page=hadith&LINKID=18246وفروا اللحى } وفي رواية أخرى nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=8804أوفوا اللحى } وهو بمعناه وكان من عادة الفرس قص اللحية فنهى الشارع عن ذلك وأمر بإعفائها
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : يكره nindex.php?page=treesubj&link=25494_25495حلق اللحية وقصها وتحريفها . وأما الأخذ من طولها وعرضها فحسن وتكره الشهرة في تعظيمها كما تكره في قصها وجزها . وقد اختلف السلف في ذلك فمنهم من لم يحد بحد بل قال : لا يتركها إلى حد الشهرة ويأخذ منها ، وكره nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك طولها جدا ومنهم من حد بما زاد على القبضة فيزال ، ومنهم من كره الأخذ منها إلا في حج أو عمرة .
قوله : nindex.php?page=treesubj&link=781 ( واستنشاق الماء ) سيأتي الكلام عليه في الوضوء . قوله : nindex.php?page=treesubj&link=767_768 ( وغسل البراجم ) هي بفتح الباء الموحدة وبالجيم جمع [ ص: 144 ] برجمة بضم الباء والجيم وهي عقد الأصابع ومعاطفها كلها وغسلها سنة مستقلة ليست بواجبة . قال العلماء : ويلحق بالبراجم ما يجتمع من الوسخ في معاطف الأذن وقعر الصماخ فيزيله بالمسح ونحوه . قوله : nindex.php?page=treesubj&link=782 ( وانتقاص الماء ) هو بالقاف والصاد المهملة وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف تفسيره بأنه الاستنجاء وكذلك فسره nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع وقال أبو عبيد وغيره : معناه : انتقاص البول بسبب استعمال الماء في غسل مذاكيره .
وقيل : هو الانتضاح وقد جاء في رواية بدل الانتقاص الانتضاح ، والانتضاح : نضح الفرج بماء قليل بعد الوضوء لينفي عنه الوسواس ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير أنه روي انتفاص بالفاء والصاد المهملة ، وقال في فصل الفاء قيل : الصواب أنه بالفاء قال : والمراد نضحه على الذكر لقولهم : لنضح الدم القليل نفصة وجمعها نفص ، قال النووي : وهذا الذي نقله شاذ . قوله : ( ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة ) هذا شك منه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : ولعلها الختان المذكور مع الخمس الأولى ، قال النووي : وهو أولى وسيأتي الكلام على المضمضة في الوضوء .
وقد استدل الرافعي بالحديث على أن nindex.php?page=treesubj&link=781المضمضة والاستنشاق سنة وروي الحديث بلفظ : ( عشر من السنة ) ورده الحافظ في التلخيص بأن لفظ الحديث : ( عشر من الفطرة ) قال : بل ولو ورد بلفظ من السنة لم ينتهض دليلا على عدم الوجوب لأن المراد به السنة أي الطريقة لا السنة بالمعنى الاصطلاحي الأصولي . قال : وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا : { nindex.php?page=hadith&LINKID=22144المضمضة والاستنشاق سنة } رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وهو ضعيف .