[ ص: 207 ] سورة الصف [ فيها آيتان ]
الآية الأولى قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون } .
فيها ثلاث مسائل : المسألة الأولى روى أبو موسى في الصحيح أن سورة كانت على قدرها ، أولها : سبح لله ، كان فيها : { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون } ستكتب شهادة في أعناقهم فتسألون عنها يوم القيامة ، وهذا كله ثابت في الدين .
أما قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون } فثابت في الدين لفظا ومعنى في هذه السورة ما تلوناه آنفا فيها .
وأما قوله : [ فتكتب ] شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة فمعنى ثابت في الدين [ لفظا ومعنى ] ; فإن ، وهي : المسألة الثانية من التزم شيئا لزمه شرعا : أحدهما النذر ، وهو على قسمين : نذر تقرب مبتدأ ; كقوله : لله علي صوم وصلاة وصدقة ، ونحوه من القرب ; فهذا يلزمه الوفاء به إجماعا . والملتزم على قسمين
ونذر مباح ; وهو ما علق بشرط رغبة [ كقوله : إن قدم غائبي فعلي صدقة ، أو علق بشرط رهبة ] ، كقوله : إن كفاني الله شر كذا فعلي صدقة ، فاختلف العلماء فيه ; فقال مالك : يلزمه الوفاء به . وقال وأبو حنيفة في أحد أقواله : إنه لا يلزمه الوفاء به . الشافعي
وعموم الآية حجة لنا ; لأنها بمطلقها تتضمن ذم من قال ما لا يفعله على أي وجه كان ، من مطلق ، أو مقيد بشرط . [ ص: 208 ] وقد قال أصحابه : إن النذر إنما يكون بما القصد منه القربة مما هو من جنس القربة .
وهذا وإن كان من جنس القربة ، لكنه لم يقصد به القربة ، وإنما قصد منع نفسه عن فعل أو الإقدام على فعل .
قلنا : القرب الشرعية مقتضيات وكلف وإن كانت قربات . وهذا تكلف في التزام هذه القربة مشقة لجلب نفع أو دفع ضر ، فلم يخرج عن سنن التكليف ، ولا زال عن قصد التقرب .