[ ص: 375 ]
جماع أبواب رضاعه صلى الله عليه وسلم وزاده شرفا وفضلا
الباب الأول في مراضعه صلى الله عليه وسلم
جملة من قيل إنهن أرضعنه صلى الله عليه وسلم عشر نسوة.
الأولى: ذكر ذلك جماعة منهم صاحب المورد والغرر. أمه صلى الله عليه وسلم أرضعته سبعة أيام.
الثانية: ثويبة بضم الثاء المثلثة وفتح الواو وسكون المثناة التحتية بعدها ياء موحدة أرضعته بلبن ابنها مسروح بفتح الميم وسكون السين المهملة ثم راء مضمومة وآخره حاء مهملة. قال : اختلف في إسلامها وقال ابن منده لا أعلم أحدا ذكر إسلامها إلا أبو نعيم . قال الحافظ: وفي باب من أرضع النبي صلى الله عليه وسلم من طبقات ابن منده ابن سعد ما يدل على أنها لم تسلم، ولكنه لا يدفع نقل به. انتهى. ابن منده
وقال رحمه الله تعالى: لا نعلم أنها أسلمت. وقال الحافظ: لم أقف في شيء من الطرق على إسلام ابنها ابن الجوزي مسروح وهو محتمل. انتهى.
فأرضعته صلى الله عليه وسلم أياما حتى قدمت حليمة، وكانت ثويبة أرضعت قبله وبعده حمزة وكانت مولاة أبا سلمة بن عبد الأسد، أبي لهب .
روى عبد الرزاق والإسماعيلي في كتاب النكاح في باب «وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم » عن والبخاري : عروة ثويبة مولاة أبي لهب، كان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم، [ ص: 376 ] فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر حيبة فقال له: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب : لم ألق بعدكم. زاد : راحة. ولفظ عبد الرزاق : لم ألق بعد رخاء. الإسماعيلي
وحذف المفعول في جميع روايات . «غير أني سقيت في هذه » زاد البخاري - وأشار إلى النقرة التي تحت إبهامه بعتاقتي عبد الرزاق ثويبة.
وذكر السهيلي وغيره أن الرائي له أخوه وكان ذلك بعد سنة من وفاة العباس، أبي لهب بعد وقعة بدر: أن أبا لهب قال إنه ليخفف علي في يوم الاثنين. قالوا: لأنه لما بشرته للعباس، ثويبة بميلاد ابن أخيه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أعتقها من ساعته، فجوزي بذلك لذلك.
قال في الغرر: واختلفوا متى أعتقها. فقيل: أعتقها حين بشرته بولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهو الصحيح. وقيل إن سألت خديجة أبا لهب في أن تبتاعها منه ليعتقها فلم يفعل. فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أعتقها أبو لهب . وهو ضعيف. انتهى.
وقال الحافظ: واستدل بهذا على أن وهو مردود بظاهر قوله تعالى: الكافر قد ينفعه العمل الصالح في الآخرة، وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا لا سيما والخبر مرسل أرسله عروة ولم يذكر من حدثه به. وعلى تقدير أن يكون موصولا فلا يحتج به.
إذ هو رؤيا منام لا يثبت به حكم شرعي، لكن يحتمل أن يكون ما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم مخصوصا من ذلك، بدليل التخفيف عن أبي طالب المروي في الصحيح.
قلت: وعلى هذا الاحتمال جرى جمع كما سبق، نقل ذلك عنهم. قال : ما ورد من بطلان الخير للكفار فمعناه أنهم لا يكون لهم التخلص من النار ولا دخول الجنة، ويجوز أن يخفف عنهم من العذاب الذي يستوجبونه على ما ارتكبوه من الجرائم سوى الكفر، بما عملوه من الخيرات. البيهقي
وأما عياض رحمه الله تعالى فقال: انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب، وإن كان بعضهم أشد عذابا من بعض، قال الحافظ:
وهذا لا يرد الاحتمال الذي ذكره فإن جميع ما ورد من ذلك فيما يتعلق بذنب الكفر، وأما ذنب غير الكفر فما المانع من تخفيفه. البيهقي،
وقال رحمه الله تعالى: هذا التخفيف خاص بهذا أو بمن ورد النص فيه. القرطبي
وقال ابن المنير رحمه الله تعالى في الخامسة: هما قضيتان إحداهما محال، وهي [ ص: 377 ] اعتبار طاعة الكافر مع كفره، لأن شرط الطاعة أن تقع بقصد صحيح، وهذا مفقود من الكافر.
الثانية: وهذا لا يحيله العقل، فإذا تقرر ذلك لم يكن عتق إثبات ثواب على بعض الأعمال تفضلا من الله تعالى أبي لهب لثويبة قربة معتبرة، ويجوز أن يتفضل الله تعالى عليه بما شاء كما تفضل والمتبع في ذلك التوقيف نفيا وإثباتا. علي بن أبي طالب،
وقال الحافظ: وتتمة هذا أن يقع التفضل المذكور إكراما لمن وقع من الكافر البر له ونحو ذلك.
حيبة: بحاء مهملة مكسورة فمثناة تحتية ساكنة وفي لفظ عند السهيلي بالخاء المعجمة المفتوحة.
عتاقتي: بفتح العين المهملة: أحد مصادر عتق العبد الذي هو فعل لازم وإنما عبر في هذا الحديث بالعتاقة دون الإعتاق وإن كان المناسب الإعتاق لأنها أثره: فلذلك أضافها إلى نفسه بقوله: عتاقتي. قاله في شرح العمدة. الترمذي
النقرة: قال رحمه الله تعالى: يعني أن الله سقاه ما في مقدار نقرة إبهامه لأجل عتق ابن بطال ثويبة . كما ذكر في حديث أبي طالب أنه في ضحضاح من نار لا في النار، بسبب حفظه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بخلاف أبي لهب فإنه كان يؤذيه فكان نصيبه من الرفق والرحمة دون أبي طالب . قال غيره: أراد بالنقرة التي بين إبهامه وسبابته إذا مد إبهامه فصار بينهما نقرة يسقى من الماء بقدر ما يسع تلك النقرة نقل ذلك في غريبي الهروي .
يكرمان وخديجة ثويبة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إليها من وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بكسوة وصلة حتى ماتت بعد فتح خيبر، فسأل عن ابنها مسروح فقيل قد مات فسأل عن قرابتها فقيل لم يبق منهم أحد.
الثالثة: امرأة من بني سعد غير حليمة . روى ابن سعد عن رحمه الله تعالى أن ابن أبي مليكة كان مسترضعا له عند قوم من حمزة بني سعد بن بكر، وكانت أم حمزة قد أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند أمه حليمة.
الرابعة: خولة بنت المنذر بن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر بن عدي بن النجار، أم بردة الأنصارية، ذكر الإمام أبو الحسن إبراهيم بن يحيى بن إبراهيم المعروف بابن الأمين أنها أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ذكرها العدوي وتابعه في العيون والمورد، وهو وهم إنما أرضعت [ ص: 378 ] ولده صلى الله عليه وسلم إبراهيم. كما ذكر ابن سعد وأبو عمر وغيرهما وعليه جرى الحافظ في الإصابة كما رأيته بخطه. ونصه بعد أن ساق نسبها: مرضعة ابن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا هو الصواب. خلافا لما في بعض النسخ السقيمة من إسقاط ابن ولم أر من نبه على ذلك ثم بعد مدة رأيت القاضي عز الدين بن القاضي بدر الدين بن جماعة رحمهما الله تعالى ذكر في سيرته المختصرة أن ابن الأمين وهم في ذكرها في الرضاع وأن بعض العصريين حكوا ذلك عنه من غير تعقب. انتهى فسررت بذلك وحمدت الله تعالى.
الخامسة: أم أيمن بركة ذكرها . والمشهور أنها من الحواضن لا من المراضع. القرطبي
السادسة والسابعة والثامنة: قال رحمه الله تعالى: أنه أبو عمر بني سليم فأخرجن ثديهن فوضعنها في فيه فدرت عليه. ورضع منهن. صلى الله عليه وسلم مر به على نسوة ثلاثة من
التاسعة: أم فروة ذكرها . ثم روي عن المستغفري عن ابن إسحاق أم فروة ظئر النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال إذا أويت إلى فراشك فاقرأ: قل يا أيها الكافرون فإنها براءة من الشرك رحمه الله تعالى: اختلف في راوي هذا الحديث. فقيل فروة. وقيل أبو فروة وقيل أم فروة وهذا أغرب الأقوال. أبو موسى المديني
قال الحافظ في الإصابة: بل هو غلط محض وإنما هو أبو فروة وكأن بعض رواته لما رأى عن أبي فروة ظئر النبي صلى الله عليه وسلم ظنه خطأ والصواب أم فروة فرواه على ما ظن فأخطأ هو واسم الظئر لا يختص بالمرأة المرضعة بل يطلق على زوجها أيضا. وقد أخرجه أصحاب السنن الثلاثة من طرق عن عن ابن إسحاق فروة بن نوفل عن أبيه. وهكذا أخرجه أبو داود من رواية والنسائي كلاهما عن إسرائيل أبي إسحاق مجردا وفيه على أبي إسحاق اختلاف. وهذا هو المعتمد.
انتهى.
العاشرة: حليمة بنت أبي ذؤيب بذال معجمة. ابن عبد الله بن سجنة بسين مهملة مكسورة فجيم ساكنة فنون مفتوحة. ابن رزام براء مكسورة ثم زاي، ابن ناصرة بن فصية بالفاء تصغير فصاه وهي النواة من التمر، ابن سعد بن بكر بن هوازن . كذا قاله . وقال ابن إسحاق : اسم ابن الكلبي أبي ذؤيب الحارث بن عبد الله بن سجنة . قال : وهو الثبت. قال البلاذري النووي رحمه الله تعالى: كنية حليمة أم كبشة اسم أبيه الذي أرضعه الحارث بن عبد العزى . [ ص: 379 ]