[ ص: 3 ] مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
قال سيدنا ومولانا وشيخنا شيخ الإسلام خاتمة المحدثين والأعلام، أبو عبد الله محمد ابن يوسف الشامي، رحمه الله تعالى ورحمنا به، وجزاه خيرا عن تعبه ونصبه. آمين.
الحمد لله الذي خص سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم بأسنى المناقب، ورفعه في الشرف إلى أعلى المراتب، وأيده بالمعجزات الباهرات العجائب، التي فاقت ضوء النيرين وزادت على عدد النجوم الثواقب، وجعل سيرته الزكية أمنا لمن تمسك بها ونجاة من المعاطب أحمده سبحانه وتعالى حمدا أنال به رضاه وبلوغ المآرب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب المشارق والمغارب، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله المبعوث بالدين الواصب، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الذين نالوا أشرف المناصب.
أما بعد:
فهذا كتاب اقتضبته من أكثر من ثلاثمائة كتاب، وتحريت فيه الصواب، ذكرت فيه قطرات من بحار من مبدإ خلقه قبل خلق سيدنا فضائل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آدم صلى الله عليه وسلم وأعلام نبوته وشمائله وسيرته وأفعاله وأحواله وتقلباته، إلى أن نقله الله تعالى إلى أعلى جناته، وما أعده له فيها من الإنعام والتعظيم، عليه من الله أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
ولم أذكر فيه شيئا من الأحاديث الموضوعات، وختمت كل باب بإيضاح ما أشكل فيه وبعض ما اشتمل عليه من النفائس المستجادات، مع بيان غريب الألفاظ وضبط المشكلات، والجمع بين الأحاديث التي قد يظن أنها من المتناقضات.
وإذا ذكرت حديثا من عند أحد من الأئمة فإني أجمع بين ألفاظ رواته إذا اتفقوا، [وإذا عزوته لمخرجين فأكثر فإني أجمع بين ألفاظهم إذا اتفقوا] فلا يعترض علي إذا عزوت الحديث للبخاري وذكرت معهما غيرهما، فإن ذلك لأجل الزيادة التي عندهما غالبا. ومسلم
وإذا كان الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم صحابيا قلت: رضي الله تعالى عنه. [ ص: 4 ]
وإن كان تابعيا أو من أتباع التابعين قلت: رحمه الله تعالى.
وإذا أطلقت الشيخين: فالبخاري أو قلت: متفق عليه: فما روياه، أو الأربعة: ومسلم،
فأبو داود والترمذي وابن ماجه أو الستة: فالشيخان والأربعة، أو الخمسة فالستة إلا والنسائي، ماجه أو الثلاثة: فالأربعة إلا هو، أو الأئمة: فالإمام مالك والإمام والإمام الشافعي والستة أحمد . والدارقطني
ولم أقف على شيء من الأسانيد المخرجة للإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رضوان الله تعالى عليه فلذلك لم أذكره.
[أو: الجماعة] : فالإمام والستة: أو: أحمد : فالحافظ أبو عمر يوسف بن عبد البر أو القاضي : فأبو الفضل عياض ، أو الأمير : فالإمام الحافظ أبو نصر علي بن هبة الله، الوزيري البغدادي المعروف بابن ماكولا. أو السهيلي: فالإمام أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الخثعمي. أو الروض. فالروض الأنف له. أو: أبو الفرج : فالحافظ عبد الرحمن بن الجوزي. أو أبو الخطاب : فالحافظ عمر بن الحسن بن دحية . أو: : فالحافظ أبو ذر أبو ذر: مصعب بن محمد بن مسعود الخشني، أو الإملاء: فما أملاه على سيرة ابن هشام. أو زاد المعاد: فزاد المعاد في هدي خير العباد، للإمام العلامة أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن القيم. أو أبو الربيع : فالثقة الثبت سليمان بن سالم الكلاعي، أو الاكتفاء: فكتاب «الاكتفاء» له. أو: أبو الفتح: فالحافظ محمد ابن محمد بن سيد الناس، أو العيون: فعيون الأثر له. أو القطب:
فالحافظ: قطب الدين الحلبي، أو المورد: فالمورد العذب له. أو الزهر: فالزهر الباسم. أو الإشارة: فالإشارة إلى سيرة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كلاهما للحافظ علاء الدين مغلطاي أو الإمتاع: فكتاب: إمتاع الأسماع للإمام العلامة مؤرخ الديار المصرية الشيخ تقي الدين المقريزي. أو المصباح: فالمصباح المنير للإمام العلامة أبي العباس أحمد ابن محمد بن علي الفيومي، أو التقريب: فالتقريب في علم الغريب لولده محمود الشهير بابن خطيب الدهشة. أو الحافظ: فشيخ الإسلام أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر أو الفتح: ففتح الباري له. أو شرح الدرر: فشرحه على ألفية السيرة لشيخه العراقي. أو النور: فنور النبراس للحافظ برهان الدين الحلبي. أو الغرر: فالغرر المضية للعلامة محب الدين بن الإمام العلامة شهاب الدين بن الهائم أو السيد: فشيخ الشافعية بطيبة نور الدين السمهودي أو: الشيخ، أو:
شيخنا: فحافظ الإسلام بقية المجتهدين من الأعلام جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي. رحمهم الله تعالى.
وحيث أطلقت الموحدة: فهي ثاني الحروف. أو المثلثة: فهي الرابعة. أو التحتية: فهي آخر الحروف. [ ص: 5 ]
وسميت هذا الكتاب: «سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد، وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدإ والمعاد» .
وإذا تأملت هذا الكتاب علمت أنه نتيجة عمري وذخيرة دهري، والله سبحانه وتعالى أسأل أن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن يمن علي بالنظر إليه في دار النعيم، وهو حسبي ونعم الوكيل، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وقبل الشروع في مقاصد الكتاب أثبت ما فيه من الأبواب، وهي نحو ألف باب. والله الهادي للصواب.