باب في وهل يقضي بعلمه؟ حكم القاضي لنفسه ولزوجته ولولده، ولغيرهم من الأقارب
قال محمد: كل من لا تجوز الشهادة له، لا يجوز أن يحكم له، وقاله في كتاب ابن حبيب. مطرف
وقال لا يجوز لثلاث: الزوجة وابنه الصغير ويتيمه، ويجوز للآباء والأبناء الكبار. ابن الماجشون:
وقال مثل قول أصبغ قال مطرف. وأما من سواهم، فإن حضر الشهود وكانت الشهادة الظاهرة بحق ظاهر جاز، ما عدا زوجته وولده الصغير ويتيمه الذي يلي ماله; لأن هؤلاء كنفسه، وإن لم يكن إلا قوله: ثبت عندي وشبهه- لم يجز. أصبغ:
وقال أيضا -في كتابه-: يجوز حكمه لكل من ذكر من زوجة أو ولد أو أخ أو مدبر أو مكاتب، ولمن يلي عليه، وهذا إذا صح الحكم وكان من أهل القيام بالحق وليس من أهل التهم، وقد يحكم للخليفة وهو فوقه وهو يتهم فيه لتوليته إياه. [ ص: 5343 ] أصبغ
والقول الأول أحسن، أن لا يجوز حكمه لأحد من هؤلاء; لأن الظنة تلحق في ذلك، ولا فرق بين الشهادة والحكم. وإن كانت القضية بغير مال، وكانت مما يتضمن أن تدرك فيه الحمية، أو ترفع به المعرة لم يجز بحال.
وإذا لم يجز أن يحكم لأحد ممن ذكرنا، لم يجز أن تدفع الشهادة بما اعترف عنده لمن هو فوقه. وإن كان مما تجوز فيه شهادته رفع إلى من هو فوقه، فالناظر يرفع إلى القاضي، والقاضي يرفع إلى الأمير إذا كان عدلا.
واختلف هل يرفع ذلك لمن هو دونه في ولايته، كالقاضي يرفع إلى ناظره، والأمير يرفع إلى قاضيه. فقيل: لا يجوز. وهو أصل قول في المدونة. وقيل: يجوز. مالك
وقال لا ينبغي أن يحكم إن طلب بحق، أو طلب هو حقا أو أحد من عشيرته، أن يحكم من دونه وإن رضي الخصم، بخلاف رجلين رضيا بحكم أجنبي. أصبغ:
واستشهد من أجاز ذلك بحكم أنه حكم في خصومة كانت له، ولا أرى أن يقتدي بهذا، وليس حال الناس اليوم في الصلابة في الحق والغضب لله والرضى له كحال من تقدم. [ ص: 5344 ] عمر
وقد قال تحدث للناس أقضية، بقدر ما أحدثوا من الفجور. مالك:
وأيضا فليس تحكيمه لمن ولاه النظر بين الناس، كتحكيمه لمن لم يوله; لأن الأول يتقي أن يعزله.