قوله ( وإن : طلقت ، وإن قال : أنت طالق إن شاء الله : عتقت ) وكذا لو قدم الشرط ، وهذا المذهب نص عليه في رواية الجماعة ، منهم : قال لأمته : أنت حرة إن شاء الله ابن منصور ، ، وحنبل والحسن بن ثواب ، وأبو النضر ، ، والأثرم وأبو طالب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به في الوجيز ، والمنور ، ومنتخب الأدمي ، وغيرهم ، وصححه الناظم وغيره ، وقدمه في الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، والمغني ، والشرح ، والمحرر ، والفروع ، وغيرهم ، : يصح الاستثناء فيهما ، وقال وعنه : أكثر الروايات عن الخرقي رحمه الله : أنه توقف عن الجواب ، الإمام أحمد قلت : ممن نقل ذلك : عبد الله ، وصالح ، وإسحاق بن هانئ ، وأبو الحارث ، والفضل بن زياد ، ، وحكي وإسماعيل بن إسحاق : أنه يقع العتق دون الطلاق ، [ ص: 105 ] حكاه عنه بعض الشافعية ، وهو عنه ، ومن تبعه ، وقطع أبو حامد الإسفراييني ، وغيره : بأن ذلك غلط على المجد رحمه الله . الإمام أحمد
وكذا قال في خلافه ، وبينوا وجه الغلط ، وقال في الترغيب : يقع الطلاق دون العتق ، القاضي : لا يقعان ، اختاره جماعة من الأصحاب ، بناء على أنهما من جملة الأيمان ، قال وعنه الشيخ تقي الدين رحمه الله يكون معناه : هي طالق إن شاء الله الطلاق بعد هذا ، والله لا يشاؤه إلا بتكلمه بعد ذلك ، وقال أيضا : إن أراد بذلك وقوع الطلاق عليها بهذا التطليق طلقت ; لأنه كقوله " أنت طالق بمشيئة الله " وليس قوله " إن شاء الله " تعليقا ، بل تأكيد للوقوع وتحقيق ، وإن أراد بذلك حقيقة التعليق على مشيئة مستقبلة : لم يقع به الطلاق حتى يطلق بعد ذلك ، فإذا طلقها بعد ذلك فقد شاء الله وقوع طلاقها حينئذ ، وكذا إن قصد بقوله " إن شاء الله " أن يقع هذا الطلاق الآن ، فإنه يكون معلقا أيضا على المشيئة ، فإذا شاء الله وقوعه ، فيقع حينئذ ، ولا يشاء الله وقوعه حتى يوقعه ثانيا . انتهى . قال في الترغيب ، لو " تطلق ، بل هي أولى بالوقوع من قوله " إن شاء الله " وفي الرعاية في ذلك وجهان . قوله ( وإن قال " يا طالق إن شاء الله تعالى : طلقت ) ، وهو المذهب ، نص عليه ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والوجيز ، وغيرهم ، وقدمه في المحرر ، والفروع ، وقيل : لا تطلق . قوله ( وإن قال : إن لم يشأ الله فعلى وجهين ) ، وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير . [ ص: 106 ] أحدهما : يقع ، وهو المذهب ، لتضاد الشرط والجزاء ، فلغا تعليقه ، بخلاف المستحيل ، وجزم به في الوجيز ، ومنتخب قال : أنت طالق إلا أن يشاء الله الأدمي البغدادي ، واختاره ابن عبدوس في تذكرته ، وقدمه في الفروع . والوجه الثاني : لا يقع ، اختاره ، ذكره في المستوعب . القاضي
فائدة : وكذا الحكم خلافا ومذهبا لو قال " أنت طالق ما لم يشأ الله " . قوله ( وإن ؟ على روايتين ) ، وأطلقهما في الهداية ، والمستوعب ، والكافي ، والمغني ، والمحرر ، والشرح ، والفروع ، والحاوي . أحدهما : لا تطلق صححه في التصحيح ، وقال : لا تطلق من حيث الدليل قال : وهو قول محققي الأصحاب ، وجزم به في منتخب قال : إن دخلت الدار فأنت طالق إن شاء الله ، أو قال : أنت طالق إن دخلت الدار إن شاء الله ، فدخلت ، فهل تطلق الأدمي البغدادي . والرواية الثانية : تطلق ، وجزم به في الوجيز ، واختاره ابن عبدوس في تذكرته ، وصححه في المذهب ، والخلاصة ، قال ابن نصر الله في حواشيه : أصحهما تطلق ، وقدمه في الرعايتين .
تنبيه : قال في المحرر ، والرعاية ، والنظم ، والفروع ، وغيرهم : إن نوى رد المشيئة إلى الفعل لم يقع ، كقوله " أنت طالق لا فعلت ، أو لأفعلن إن شاء الله " وإلا فروايتان ، قال ابن نصر الله في حواشيه : وفيه نظر ، يعني في عدم الوقوع إذا نوى رد المشيئة إلى الفعل ; لأنه علقه على فعل يوجد بمشيئة الله ، وقد وجد بمشيئة الله ، فما المانع من وقوعه ؟ . انتهى .
[ ص: 107 ] وقد حرر العلامة ابن رجب في هذه المسألة ، وفي صيغة القسم كقوله " " أو " أنت طالق لتدخلن الدار إن شاء الله " ونحوه للأصحاب سبع طرق . أحدها : أن الروايتين في المسألة مطلقا ، سواء كان الحلف بصيغة القسم ، أو بصيغة الجزاء ، وهذه الطريقة مقتضى كلام أكثر المتقدمين ، أنت طالق لا تدخلين الدار إن شاء الله كأبي بكر ، ، والقاضي ، وغيرهم . الطريقة الثانية : أن الروايتين في الحلف بصيغة القسم ، وفي التعليق على شرط يقصد به الحض أو المنع ، دون التعليق على شرط يقصد به وقوع الطلاق بتة ، وهذه الطريقة اختيار وابن عقيل الشيخ تقي الدين رحمه الله وهو مقتضى كلام كثير من الأصحاب .
الطريقة الثالثة : أن الروايتين في صيغة التعليق إذا قصد رد المشيئة إلى الطلاق ، أو أطلق ، فأما إن رد المشيئة إلى الفعل فإنه ينفعه قولا واحدا ، وكذا إن حلف بصيغة القسم ، فإنه ينفعه الاستثناء قولا واحدا ، وهي طريقة صاحب المحرر ، والنظم ، والفروع ، وغيرهم ، كما تقدم ، الطريقة الرابعة : أن الروايتين في صورة التعليق بالشرط إذا لم يرد المشيئة إلى الطلاق ، فإن ردها إلى الطلاق فهو كما لو نجز الطلاق واستثنى فيه ، وهي طريقة صاحب المغني ، وإن أطلق النية : فالظاهر رجوعه إلى الفعل دون الطلاق ويحتمل عوده إلى الطلاق ، وإن رد المشيئة إلى الفعل نفعه ، قولا واحدا ، وهذه الطريقة توافق طريقة صاحب المحرر ، إلا أنها مخالفة لها في أنه إذا عاد [ ص: 108 ] الاستثناء إلى الطلاق لم ينفع ، كما لا ينفع في المنجز ، وهو الذي ذكره وغيره ، وهو واضح . ابن عقيل
الطريقة الخامسة : أن الروايتين محمولتان على اختلاف حالين ، فإن كان الشرط نفيا : لم تطلق ، نحو أن يقول " أنت طالق إن لم أفعل كذا إن شاء الله " فلم يفعله ، فلا يحنث ، فإن كان إثباتا حنث ، نحو " إن فعلت كذا فأنت طالق إن شاء الله " ، وهي طريقة صاحب التلخيص ، قال في القواعد الأصولية : وهي مخالفة للمذهب المنصوص عن رحمه الله . الطريقة السادسة : طريقة الإمام أحمد في الجامع الكبير ، فإنه قال : عندي فيها تفصيل ، ثم ذكر ما مضمونه : أنه إذا لم توجد الصفة . التي هي الشرط المعلق على الطلاق ، انبنى الحكم على علة وقوع الطلاق المنجز المستثنى فيه ، فإن قلنا : العلة أنه علقه بمشيئة لا يتوصل إليها : لم يقع ، رواية واحدة ; لأنه علقه بصفتين . إحداهما : دخول الدار مثلا ، والأخرى : المشيئة ، وما وجدتا ، فلا يحنث ، وإن قلنا : العلة علمنا بوجود مشيئة الله لوجود لفظ الطلاق : انبنى على أصل آخر ، وهو ما إذا علق الطلاق بصفتين ، مثل أن يقول " إن دخلت الدار وشاء زيد " فدخلت ولم يشأ زيد ، فهل يقع الطلاق ؟ على روايتين ، كذا هنا يخرج على روايتين ، وأما إن وجدت الصفة وهي دخول الدار فإنه ينبني على التعليلين أيضا ، فإن قلنا : قد علمنا مشيئة الطلاق : وقع رواية واحدة ، لوجود الصفتين جميعا ، [ ص: 109 ] وإن قلنا : لم نعلم مشيئته : انبنى على ما إذا علقه على صفتين فوجد إحداهما ، ويخرج على الروايتين . القاضي
الطريقة السابعة : طريقة في المفردات ، فإنه جعل الروايتين في وقوع الطلاق بدون وجود الصفة ، فأما مع وجودها : فيقع الطلاق قولا واحدا ، قاله في القواعد الأصولية ، وهي أضعف الطرق وذكر فسادها من وجهين . ابن عقيل