[ ص: 121 ] كتاب الغصب قوله ( وهو الاستيلاء على مال الغير قهرا بغير حق ) .
وكذا قال في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمذهب الأحمد ، والحاوي الصغير ، وغيرهم . وليس بجامع . لعدم دخول غصب الكلب ، وخمر الذمي ، والمنافع ، والحقوق ، والاختصاص . قال الحارثي : وحقوق الولايات ، كمنصب الإمارة ، والقضاء . قال الزركشي : الاستيلاء يستدعي القهر والغلبة . فإذن قوله " قهرا " زيادة في الحد . ولهذا أسقطه في المغني . انتهى . قلت : الذي يظهر : أن " الاستيلاء " يشمل القهر والغلبة وغيرهما . فلو اقتصر على الاستيلاء لورد عليه المسروق ، والمنتهب ، والمختلس . فإن ذلك لا يسمى غصبا . ويقال : استولى عليه . وقال في المطلع : فلو قال " الاستيلاء على حق غيره " لصح لفظا وعم معنى . انتهى وقوله " لصح لفظا " لكون أدخل الألف واللام على " غير " . قال : والمعروف عند أهل اللغة عدم دخولهما عليها . المصنف قلت : قد حكى النووي رحمه الله في تهذيب الأسماء واللغات عن غير واحد من أهل العربية : أنهم جوزوا دخولهما على " غير " . وممن أدخل الألف واللام على " غير " من الأصحاب : من تقدم ذكره ، وصاحب المحرر ، والرعايتين ، والحارثي . وقال في الرعايتين : هو الاستيلاء على مال الغير قهرا ظلما . ويرد عليه ما تقدم .
وقال في الفروع تبعا للحارثي هو الاستيلاء على حق غيره قهرا ظلما . [ ص: 122 ] قال الحارثي : هذا أسد الحدود . قلت : فهو أولى من حد صاحب المطلع وأمنع . فإنه يرد على حد صاحب المطلع : لو : أنه يسمى غصبا . وليس كذلك . اللهم إلا أن يكون مراده ذلك مع بقية حد استولى على حق غيره من غير ظلم ولا قهر . وهو الظاهر . وقال في الوجيز : هو الاستيلاء على حق غيره ظلما ويرد عليه ما أخذ من غير قهر . وقال في تجريد العناية : هو استيلاء غير حربي على حق غيره قهرا بغير حق المصنف قلت : هو أصح الحدود وأسلمها . ويرد على حد غيره : استيلاء الحربي . فإنه استيلاء على حق غيره قهرا بغير حق . وليس بغصب . على ما يأتي قريبا في كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله . وقال في المحرر : هو الاستيلاء على مال الغير ظلما . وتابعه في الفائق ، وإدراك الغاية . ومعناه في الكافي ، والعمدة ، والمغني . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله وقوله " على مال الغير ظلما " يدخل فيه مال المسلم ، والمعاهد . وهو المال المعصوم . ويخرج منه استيلاء المسلمين على أموال أهل الحرب . فإنه ليس بظلم . ويدخل فيه استيلاء أهل الحرب على مال المسلمين . وليس بجيد ، فإنه ليس من الغصب المذكور حكمه .
هذا بإجماع المسلمين . إذ لا خلاف أنه لا يضمن بالإتلاف ، ولا بالتلف . وإنما الخلاف في وجوب رد عينه إذا قدرنا على أخذه . وأما أموال أهل البغي ، وأهل العدل : فقد لا يرد . لأنه هناك لا يجوز الاستيلاء على عينها . ومتى أتلف بعد الاستيلاء على عينها ضمنت . وإنما الخلاف في ضمانها بالإتلاف وقت الحرب . ويدخل فيه ما أخذه الملوك والقطاع من أموال الناس بغير حق من المكوس وغيرها . فأما استيلاء أهل الحرب بعضهم على بعض : فيدخل فيه . وليس بجيد . [ ص: 123 ] لأنه ظلم . فيحرم عليهم قتل النفوس ، وأخذ الأموال إلا بأمر الله . لكن يقال : لما كان المأخوذ مباحا بالنسبة إلينا لم يصر ظلما في حقنا ، ولا في حق من أسلم منهم . فأما ما أخذ من الأموال والنفوس ، أو أتلف منهما في حال الجاهلية : فقد أقر قراره . لأنه كان مباحا . لأن الإسلام عفا عنه . فهو عفو بشرط الإسلام . وكذا بشرط الأمان . فلو تحاكم إلينا مستأمنان حكمنا بالاستقرار . انتهى . قلت : ويرد عليه ما ورد على وغيره مما تقدم ذكره . ويرد عليه أيضا المسروق ، والمختلس ، ونحوهما . المصنف