قوله ( وإن : طلقتا ) ، هذا المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب ، وجزم به في الوجيز ، وغيره ، وقدمه في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمحرر ، وتذكرة قال لامرأتيه : إن كلمتما هذين فأنتما طالقتان وكلمت كل واحدة واحدا منهما ابن عبدوس ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وغيرهم ، ويحتمل أن لا يحنث حتى تكلما جميعا كل واحد منهما ، وهو تخريج ، قال لأبي الخطاب الشارح : وهو أولى ، قال ابن عبدوس في تذكرته : والأقوى لا يقع ، وأطلقهما في المغني ، والفروع .
تنبيه : محل الخلاف : إذا لم نحنثه ببعض المحلوف ، فأما إن حنثناه ببعض المحلوف : حنثناه هنا ، قولا واحدا .
فائدة : هذه المسألة من جملة قاعدة ، وهي " إذا وجدنا جملة ذات أعداد موزعة [ ص: 95 ] على جملة أخرى ، فهل تتوزع أفراد الجملة الموزعة على أفراد الأخرى ، أو كل فرد منها على مجموع الجملة الأخرى ؟ " وهي على قسمين ، الأول : أن توجد قرينة تدل على تعيين أحد الأمرين ، فلا خلاف في ذلك . فمثال ما دلت القرينة فيه على توزيع الجملة على الجملة الأخرى ، فيقابل كل فرد كامل بفرد يقابله إما لجريان العرف ، أو دلالة الشرع على ذلك ، وإما لاستحالة ما سواه أن : طلقت ، لاستحالة أكل كل واحدة الرغيفين ، أو يقول لزوجتيه " إن أكلتما هذين الرغيفين فأنتما طالقتان " فإذا أكلت كل واحدة منهما رغيفا : ترتب عليه العتق ; لأن الانفراد بهذا عرفي ، وفي بعضه شرعي ، فيتعين صرفه إلى توزيع الجملة على الجملة ، ذكره يقول لعبديه " إن ركبتما دابتيكما ، أو لبستما ثوبيكما ، أو تقلدتما سيفيكما ، أو دخلتما بزوجتيكما ، فأنتما حران " فمتى وجد من كل واحد ركوب دابته ، ولبس ثوبه ، وتقلد سيفه ، أو الدخول بزوجته في المغني ، ومثال ما دلت القرينة فيه على توزيع كل فرد من أفراد الجملة على جميع أفراد الجملة الأخرى : أن المصنف " فلا تطلقان حتى تكلم كل واحدة منها زيدا وعمرا . يقول رجل لزوجتيه " إن كلمتما زيدا ، أو كلمتما عمرا فأنتما طالقتان
القسم الثاني : أن لا يدل دليل على إرادة أحد التوزيعين ، فهل يحمل التوزيع عند هذا الإطلاق على الأول والثاني ؟ في المسألة خلاف ، والأشهر : أن يوزع كل فرد من أفراد الجملة على جميع أفراد الجملة الأخرى إذا أمكن ، وصرح به ، القاضي ، وابن عقيل في مسألة الظهار من نسائه بكلمة واحدة ، ذكر ذلك وأبو الخطاب ابن رجب في القاعدة الثالثة عشر بعد المائة ، وتقدم من مسائل القاعدة في باب مسح الخفين ، والوقف ، والربا ، والرهن وغيره . [ ص: 96 ] ومسألة هنا من القاعدة ، لكن المذهب هنا خلاف ما قاله في القواعد . المصنف