[ ص: 36 ] باب الطلاق في الماضي والمستقبل
قوله ( إذا : وقع ) هذا المذهب ، اختاره قال لامرأته : أنت طالق أمس ، أو قبل أن أنكحك ينوي الإيقاع أبو بكر ، وحكاه عن القاضي رحمه الله ، وجزم به في المغني ، والمحرر ، والشرح ، والنظم ، والوجيز ، والمنور ، وغيرهم ، وقدمه في الفروع ، والرعايتين ، والحاوي ، ووقوع الطلاق بقصد وقوعه أمس : من مفردات المذهب ، وجعله الإمام أحمد وحفيده كمسألة ما إذا لم ينو إلا نية ، القاضي : يقع إن كانت زوجته أمس ، نقل وعنه مهنا : إذا قال " أنت طالق أمس " وإنما تزوجها اليوم ، فليس هذا بشيء ، فمفهومه : أنها إن كانت زوجته بالأمس : طلقت . قوله ( وإن لم ينو : لم يقع ، في ظاهر كلامه ) وهو المذهب ، جزم به في الوجيز وغيره ، وصححه في النظم وغيره ، وقدمه في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع وغيرهم ، قال ناظم المفردات : عليه الأكثر ، وهو من المفردات ، وقال : يقع ، وهو رواية عن القاضي رحمه الله ، فيلغو ذكر " أمس " ، وحكى عن الإمام أحمد أبي بكر : لا يقع إذا قال " أنت طالق أمس " ويقع إذا قال " قبل أن أنكحك " ، قال : رأيته بخط القاضي أبي بكر في جزء مفرد ، وحمل قول القاضي أبي بكر رحمه الله على أنه يتزوجها بعد ذلك ثانيا فيبين وقوعه الآن ، [ ص: 37 ] قال المصنف والشارح في تعليل قول أبي بكر لأن " أمس " لا يمكن وقوع الطلاق فيه ، وقبل تزوجها متصور الوجود ، فإنه يمكن أن يتزوجها ثانيا ، وهذا الوقت قبله ، فوقع في الحال ، كما لو " . قال " أنت طالق قبل قدوم زيد
قوله ( فإن قال : أردت أن زوجا قبلي طلقها ، أو طلقتها أنا في نكاح قبل هذا : قبل منه إذا احتمل الصدق في ظاهر كلام رحمه الله ) أما فيما بينه وبين الله تعالى : فيدين على الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب ، وجزم به في المغني ، والشرح ، والمحرر ، والوجيز ، وغيرهم ، وقدمه في الفروع ، وغيره ، الإمام أحمد : لا يدين فيهما باطنا ، حكاها وعنه الحلواني . وأما في الحكم : فظاهر كلام وابن عقيل هنا : أنه يقبل أيضا ، وهو مقيد بما إذا لم تكذبه قرينة ، من غضب أو سؤالها الطلاق ونحوه ، فلا يقبل قولا واحدا ، وكلام المصنف هو المذهب وإحدى الروايتين ، وجزم به في الوجيز وغيره ، وقدمه في المحرر ، والرعاية الكبرى ، وقال في الرعاية الصغرى : قبل حكما ، إلا أن يعلم من غير جهته ، ولعله سهو أو نقص من الكاتب ، وإنما هذا الشرط على التخريج الآتي ، والرواية الثانية : لا يقبل ، وقال في المحرر : ويتخرج إذا قلنا : تطلق بلا نية : أن لا يقبل منه في الحكم إلا أن يعلم من غير جهته ، وتبعه في الرعاية الكبرى ، وأطلق الروايتين في الفروع وغيره ، وتقدم نظير ذلك في أول " باب صريح الطلاق وكنايته " عند قوله " وإن نوى بقوله " أنت طالق " من وثاق ، أو مطلقة من زوج كان قبلي " ، [ ص: 38 ] وتقدم تحرير ذلك ، فليعاود ، فإن الأصحاب ذكروا أن الحكم فيهما واحد . المصنف
تنبيه : ظاهر قوله " قبل منه إذا احتمل الصدق " أي وجوده : أنه يشترط أن يكون قد وجد ذلك منه أو من الزوج الذي قبله ، هذا المذهب ، واختاره وغيره [ وهو قول القاضي ، وقدمه في الشرح ] ، قال في المحرر ، والرعاية ، والنظم ، والحاوي ، والوجيز ، وغيرهم : إذا أمكن ، [ قال في الترغيب : هو قياس المذهب ، وقال أبي الخطاب : يقبل مطلقا ] وقدمه في الفروع ، [ وهل يشترط أيضا ثبوته عند الحاكم ، أو إن تداعيا عنده ، أو لا مطلقا ، أو يشترط في الحكم دون التدين باطنا ، وهو الأظهر ؟ فيه خلاف ، لكن فرق بين إمكان الصوت ، ولو لم يكن وجد شيء مطلقا ، وبين الوجود نفسه ، سواء اشترط ثبوته في نفس الأمر ، أو عند الحاكم ، للحكم أو التدين مثلا ، فكل من ذلك مسألة مستقلة بنفسها ، خلافا لمن يجعل الخلف لفظيا في ذلك كله ] ، قوله ( فإن مات أو جن أو خرس ، قبل العلم بمراده فهل تطلق ؟ على وجهين ) وأطلقهما في المغني ، والشرح ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير . أحدهما : لا تطلق ، وهو الصحيح من المذهب ، صححه في التصحيح ، وجزم به في الوجيز . والوجه الثاني : تطلق ، والخلاف هنا مبني على الخلاف المتقدم في اشتراط النية في أصل المسألة ، [ ص: 39 ] فإن قيل : تشترط النية هناك وهو المذهب : لم تطلق هنا ; لأن شرط وقوع الطلاق النية ، ولم يتحقق وجودها ، وإن قيل : لا تشترط النية هنا ، طلقت هناك ، قاله الأصحاب ، منهم القاضي المصنف والشارح ، وابن منجا ، وغيرهم .