[ ص: 315 ] كتاب الديات جمع دية ، وهي المال الواجب بالجناية على الحر في نفس أو فيما دونها ، وهاؤها عوض من فاء الكلمة وهي مأخوذة من الودي وهو دفع الدية ، يقال : وديت القتيل أديه وديا .
والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية } وخبر الترمذي وغيره الآتي ( في ) إجماعا سواء أوجبت بالعفو أم ابتداء كقتل نحو الوالد ، أما الرقيق والذمي والمرأة والجنين فسيأتي ما فيهم ، نعم الدية لا تختلف بالفضائل بخلاف قيمة القن ; لأن تلك حددها الشارع اعتناء بها لشرف الحرية ولم ينظر لأعيان من تجب فيه ، وإلا لساوت الرق ، وهذه لم يحددها فنيطت بالأعيان وما يناسب كلا منها . ( قتل الحر المسلم ) الذكر المعصوم غير الجنين إذا صدر من حر ( مائة بعير )
وأما المهدر كزان محصن ، وتارك صلاة ، وقاطع طريق . وصائل فلا دية فيهم
وأما إذا ولو له فالواجب أقل الأمرين من قيمة القن والدية كما يأتي ، أو مبعضا وبعضه القن مملوك لغير القتيل فالواجب مقابل الحرية من الدية والرق من أقل الأمرين . كان القاتل قنا لغير القتيل أو مكاتبا
أما القن للقتيل فلا يتعلق به شيء ، إذ السيد لا يجب له على قنه شيء ( مثلثة في العمد ) أي ثلاثة أقسام ( ثلاثون حقة وثلاثون جذعة ) ومر تفسيرهما في الزكاة ( وأربعون خلفة ) بفتح فكسر وبالفاء ( أي حاملا ) [ ص: 316 ] لخبر الترمذي بذلك فهي مغلظة من هذا الوجه ومن حيث كونها على الجاني دون عاقلته وحالة لا مؤجلة ولا يضر كون أحد الأقسام أكثر ( وكذا بنات لبون ) عشرون ( وبنو لبون ) كذلك ومر تفسيرهما ثم أيضا ( وحقاق ) كذلك ( وجذاع ) كذلك والمراد من الحقاق والجذاع الإناث كما أفاده قول الروضة وعشرون حقة وجذعة ; لأن إجزاء الذكور منهما لم يقل به أحد من أصحابنا ، والحقاق وإن أطلقت على الذكور والإناث فإن الجذاع مختصة بالذكور وجمع الجذعة جذعات وهذه مخففة من ثلاثة أوجه تخميسها وتأجيلها وكونها على العاقلة . ومخمسة في الخطأ عشرون بنت مخاض
( فإن ) حرم مكة ) وإن خرج منه المجروح فيه ومات خارجه بخلاف عكسه نظير ما مر في صيد ( قتل خطأ ) ولو صبيا أو مجنونا حال كون القاتل أو المقتول ( في الحرم ومن ثم يتأتى هنا كل ما ذكروه ثم كما اقتضاه كلام الروضة ، فلو رمى من بعضه في الحل وبعضه في الحرم أو من الحل إنسانا فيه فمر السهم في هواء الحرم غلظ ولا تغليظ بقتل الذمي فيه كما قاله المتولي وغيره وجزم به في الأنوار لأن سبب التغليظ ثبوت زيادة الأمن ، والذمي غير ممكن من دخول الحرم ، ولا يختص التغليظ بالقتل فإن الجراح في الحرم مغلظة وإن لم يمت منها أو مات منها خارجه بخلاف عكسه فيما يظهر ( أو ) بفتح القاف وكسر الحاء على الأفصح فيهما ( والمحرم ) خصوه بالتعريف إشعارا بأنه أول السنة كذا قيل ، والظاهر أن أل فيه للمح الصفة لا للتعريف ، وخصوه بأل [ ص: 317 ] وبالمحرم مع تحريم القتال في جميعها ; لأنه أفضلها فالتحريم فيه أغلظ ، وقيل ; لأن الله تعالى حرم الجنة فيه على إبليس ( ورجب ) لعظم حرمتها ولا يتحقق بها شهر رمضان ، وإن كان سيد الشهور ; لأن المتبع في ذلك التوقيف ، قال تعالى { قتل في ( الأشهر الحرم ذي القعدة وذي الحجة ) فلا تظلموا فيهن أنفسكم } والظلم في غيرهن محرم أيضا .
وقال { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير } ولا يشكل ذلك بنسخ حرمة القتال فيها ; لأن أثر الحرمة باق كما أن دين اليهود نسخ وبقيت حرمته ولا بالحرم الإحرام ; لأن حرمته عارضة غير دائمة سواء أكانا محرمين أم أحدهما ، ولا بحرم مكة حرم المدينة بناء على منع الجزاء بقتل صيده ، وما ذكره المصنف في عدها هو الصواب في شرح وغيره ، وقال : إن الأخبار تظافرت بعدها كذلك فلو نذر صومها بدأ بالقعدة ( أو ) مسلم ( فمثلثة ) لعظم حرمة الرحم لما ورد فيه ، وخرج بذي الرحم المحرم برضاع أو مصاهرة ، وبالمحرم ذو الرحم غير المحرم كبنت العم وابن العم . قتل ( محرما ذا رحم ) كأم وأخت
والحاصل أنه إنما يغلظ بالخطأ في الثلاثة المذكورة فقط ، ولا بد أن تكون المحرمية من الرحم ليخرج نحو ابن عم هو أخ من الرضاع وبنت عم هي أم زوجته فإنه مع كونه ذا رحم محرم لا تغليظ فيه ; إذ المحرمية ليست من الرحم كما فهم ذلك من سياقه ، والتغليظ والتخفيف يأتي في الذكر والأنثى والذمي والمجوسي ، والجراحات بحسابها والأطراف والمعاني بخلاف نفس القن ( والخطأ وإن تثلث ) لأحد هذه الأسباب أي ديته ( فعلى العاقلة ) أتى بالفاء رعاية لما في المبتدإ من العموم المشابه للشرط ( مؤجلة ) لما يأتي فغلظت من وجه واحد وخففت من وجهين كدية شبه العمد ; لأنها قياس بدل المتلفات ( وشبه العمد ) أي ديته ( مثلثة على العاقلة مؤجلة ) لما يأتي فهو لأخذه شبها من العمد والخطأ ملحق بكل منهما من وجه ، ويجوز في معجلة ومؤجلة الرفع خبرا أو النصب حالا ( والعمد ) أي ديته ( على الجاني معجلة )