وقال الزركشي وغيره : في بيت المال إن لم يكن بينهما مهايأة وإلا فعلى من هي في نوبته ا هـ . نفقة المبعض : أي المعجوز عن نفقة
وهذا في غير أم الولد .
أما هي فلا تباع قطعا ولا يجبر على إعتاقها في الأصح بل تؤجر أو تزوج ، [ ص: 239 ] فإن لم يمكن نفقتها في بيت المال أي يجوز له ذلك سواء أكان منه أم مملوكا له من زوج أو زنا أو حرا ; لأن لبنها ومنافعها له ، بخلاف الزوجة فإن الزوج لا يملك ذلك منها ، ولو طلبت إرضاعه لم يجز له منعها منه ; لأن فيه تفريقا بين الوالدة وولدها إلا عند الاستمتاع بها فله منعها منه ، ووضع الولد عند غيرها إلى فراغ استمتاعه ، وإلا إذا كان الولد حرا من غيره أو مملوكا لغيره فله منعها من إرضاعه غير اللبأ الذي لا يعيش إلا به ويسترضعها غيره ; لأن إرضاعه على والده أو مالكه ، نقله ( ويجبر ) السيد إن شاء ( أمته ) ولو أم ولد ( على إرضاع ولدها ) ابن الرفعة وغيره عن الماوردي وأقروه ، وله طلب أجرة الرضاع من أبي ولدها الحر ومن سيد ولدها الرقيق ، ولا يلزمه التبرع به كما لا يلزم الحرة التبرع به ، فإن تبرع به كان له ذلك ، وإن لم ترض به ( وكذا غيره ) أي غير ولدها ( إن فضل عنه ) أي عن ريه إما لغزارة لبنها أو لقلة شربه أو لاغتنائه بغير اللبن في أكثر الأوقات أو موته لما مر كما له تكليفها غيره من سائر الأعمال التي تطيقها .
أما إذا لم يفضل عن ريه فلا يجبرها على إرضاع غيره ، ولو بأجرة لقوله تعالى { لا تضار والدة بولدها } ولأن طعامه اللبن فلا ينقص عنه كالقوت ، وقد علم مما مر أن هذا إذا كان ولدها حرا من السيد أو مملوكا له وإلا فله أن يمنعها من إرضاعه ويسترضعها غيره ( و ) على ( فطمه قبل حولين إن لم يضره ) بأن اجتزأ بغير اللبن ; لأنه قد يريد التمتع بها ولا ضرر على الولد في ذلك ( و ) على ( إرضاعه بعدهما إن لم يضرها ) ولا ضره الإرضاع ، واقتصر في كل من القسمين على الأغلب فلا يرد عليه ما زدناه سواء أكفاه غير اللبن أم لا ; لأن لبنها ومنافعها له كما مر وليس لها استقلال بإرضاع ولا فطام ; إذ لا حق لها في التربية ( وللحرة حق في التربية فليس لأحدهما ) أي الأبوين الحرين ، ويتجه إلحاق غيرهما ممن له الحضانة عند فقدهما بهما في ذلك ( فطمه قبل حولين ) من غير رضا الآخر ; لأنهما تمام مدة الرضاع ، فإن تنازعا أجيب الداعي إلى إكمال الحولين ، إلا إذا كان الفطام قبلهما أصلح للولد فيجاب طالبه كفطمه عند حمل الأم أو مرضها ولم يوجد غيرها .
وكلامهم محمول على الغالب كما ذكره الأذرعي ( ولهما ) ذلك ( إن لم يضره ) لقوله تعالى { فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور } أي لأهل الخبرة أن ذلك يضر الولد أو لا { فلا جناح عليهما } ( ولأحدهما ) فطمه ( بعد حولين ) من غير رضا الآخر إن لم يضره بأن اجتزأ بالطعام وكان في فصل معتدل لما مر ( ولهما الزيادة ) على الحولين لما مر [ ص: 240 ] حيث لا ضرر ، لكن أفتى الحناطي بأنه يسن عدمها إلا لحاجة ( ولا يكلف رقيقه ) عملا على الدوام ( إلا عملا يطيقه ) على الدوام فيجوز له تكليفه إياه ويتبع في تكليفه ما يطيقه العادة كإراحته في وقت القيلولة والاستمتاع ، وفي العمل طرفي النهار وإراحته من العمل إما في الليل إن استعمله نهارا أو في النهار إن استعمله ليلا ، وإن اعتادوا خدمة الأرقاء نهارا مع طرفي الليل اتبعت عادتهم ، فعلم أنه لا يجوز له أن يكلفه عملا على الدوام لا يطيقه لخبر المار ، فلا يجوز له أن يكلفه عملا على الدوام يقدر عليه يوما أو يومين ثم يعجز عنه ، فعلم أنه يجوز له أن يكلفه الأعمال الشاقة في بعض الأوقات ، ولو مسلم أجبر على بيع كل منهما إن تعين طريقا في خلاصه كما قيده كلف رقيقه ما لا يطيقه أو حمل أمته على الفساد الأذرعي ، ويجب على الرقيق بذل جهده في العمل ، وترك الكسل فيه .
( وتجوز ) ( بشرط رضاهما ) فليس لأحدهما إجبار الآخر عليها ; لأنها عقد معاوضة فاعتبر فيه التراضي كغيره ، ويؤخذ من كونها عقد معاوضة اعتبار الصيغة من الجانبين وأن صريحها خارجتك وما اشتق منه وأن كنايتها باذلتك على كسبك بكذا ونحوه ( وهي خراج ) معلوم ( يؤديه كل يوم أو أسبوع ) أو شهر أو سنة مما يكسبه حسبما يتفقان عليه ففي الصحيحين { ( مخارجته ) أي القن أبا طيبة صاعين أو صاعا من تمر وأمر أهله أن يخففوا عنه خراجه } ، وروى أنه صلى الله عليه وسلم أعطى " أنه كان البيهقي ألف مملوك يؤدون الخراج لا يدخل بيته من خراجهم شيئا بل يتصدق بجميعه ، ومع ذلك بلغت تركته خمسين ألف ألف ومائتي ألف " رواه للزبير . البيهقي
ويشترط أن يكون له كسب مباح دائم يفي بالخراج فاضلا عن نفقته وكسوته إن جعلهما فيه ، فإن زاد كسبه على ذلك فالزيادة بر وتوسيع من سيده له ، وأن يكون ممن يصح تصرفه لنفسه لو كان حرا كما هو ظاهر ، ولو خارجه على ما لا يحتمله [ ص: 241 ] لم يجز ويلزمه الحاكم بعدم معارضته ، فقد روى بسنده عن الشافعي عثمان أنه قال في خطبته : لا تكلفوا الصغير الكسب فيسرق ، ولا الأمة غير ذات الصنعة فتكتسب بفرجها ، وكذا رواه ، ووقع في النهاية عزوه إلى البيهقي عمر ، ويجبر النقص في بعض الأيام بالزيادة في بعضها ، وقد علم أن مؤنته تجب حيث شرطت من كسبه أو من مال سيده ، وما بحثه بعضهم من أن للولي مخارجة قن محجوره مصلحة محل نظر ; لأن فيها تبرعا وإن كانت بأضعاف قيمته وهو ممنوع منه .
نعم لو انحصر صلاحه فيها وتعذر بيعه نظير ما مر آخر الحجر من بيع ماله بدون ثمن مثله جاز للضرورة ، ويكره أن بل يقول سيدي ومولاي ، وأن يقول المملوك لمالكه : ربي بل يقول : غلامي وجاريتي أو فتاتي وفتاي ، ولا كراهة في إضافة رب إلى غير المكلف كرب الدار ورب الغنم ، ويكره أن يقول السيد عبدي وأمتي يقول للفاسق أو للمتهم في دينه يا سيدي