nindex.php?page=treesubj&link=19860_34134_5366_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين في هذه الآية الكريمة يبين سبحانه وتعالى
nindex.php?page=treesubj&link=5366طريق التوبة من الربا ، والخروج من مآثمه ، ويحث على هذه التوبة بإثبات أنها من مقتضيات الإيمان ، وأول طرق التوبة لمن خوطبوا بالقرآن أول نزوله ، أن يتركوا ما بقي من الربا ، فما كسبوه قبل الخطاب بالتحريم فإنه في مرتبة العفو ، أما ما يجيء من بعد ذلك ولو كان بعقد سابق فإنه حرام ، ولذا خاطبهم سبحانه وتعالى بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين وفي ذلك نهي عن أخذ ما استحق بالعقود السابقة . وقد تأكد النهي بثلاثة مؤكدات :
أولها : تصدير النداء
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278يا أيها الذين آمنوا فإن ذلك التصدير لبيان أن ترك الربا من شأن الإيمان ومقتضياته ، فليس من خلق أهل الإيمان بالله ورسوله وكتابه وما اشتمل عليه من أخلاق سامية ومبادئ اجتماعية عالية ، أن يأكلوا الربا وأن يتعاملوا به ، لأنه ضد تهذيب النفس وسمو الروح ، إذ هو شره مادي وكسب بغير الطريق الطبعي ، ولأنه يقوض بنيان الاجتماع ، ويجعل كل واحد من آحاده ينظر إلى الآخر نظر القنيصة التي يقتنصها والفريسة التي يفترسها ، فتنقطع الأوصال ، وينتثر العقد الجامع .
[ ص: 1056 ] ثانيها : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278اتقوا الله فهذا النص يفيد أن
nindex.php?page=treesubj&link=19863_5366من مقتضيات التقوى اجتناب الربا ، لأن التقوى معناها أن يجعل المؤمن بينه وبين الآثام وقاية ، وأن يجعل بينه وبين غضب الله تعالى وقاية ، وأن يجعل بينه وبين إيذاء الناس وقاية . والربا ضد هذا كله ، لأنه يعرض المرء للمآثم ، فإنه بمجرد أن يعجز المدين عن الوفاء - وذلك كثير - تتوالى المطالبة المصحوبة بالأذى والترصد المستمر حتى تصبح عيشة المدين ضنكا ، وقد يبخع نفسه تخلصا من تلك المآثم المتوالية المستمرة .
ثالثها : أنه
nindex.php?page=treesubj&link=5366سبحانه جعل ترك الربا شرطا للاستمرار على الإيمان ، فقال في ختام الآية الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278إن كنتم مؤمنين أي إن كنتم مستمرين على حكم الإيمان ، مذعنين لأحكام الديان .
وهنا بحثان أحدهما لغوي ، والآخر موضوعي :
أما البحث اللغوي فهو في معنى كلمة " ذروا " فإن معناها اتركوا . وقد قال النحويون : إن ماضي " ذروا " ومصدرها قد أماتهما العرب كالشأن في دع ويدع ، وقد قال في ذلك
الراغب الأصفهاني : " يقال في ذلك فلان يذر الشيء أي يقذفه لقلة اعتداده به ، ولم يستعمل ماضيه ; وهذا الكلام يدل على أن الماضي قد مات ، وعلى أن " يذر " لا تستعمل في مطلق الترك ، بل تطلق على الترك الذي يصحبه عدم اعتداد بالمتروك ، فكأن معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278وذروا ما بقي من الربا اتركوه غير معتدين به ، بل اتركوه مهملين له ، لأنه أذى في ذاته .
nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري يقرر ذلك في أساس البلاغة ولكنه يقرر أن المصدر هو الذي مات ، وليس الماضي ، ولذا قال في أساس البلاغة : ( ذره واحذره ، والعرب أماتت المصدر منه ، فيقولون : ذر تركا ، وإذا قيل لهم ذروه قالوا وذرناه ) . وهذا معنى جديد أتى به الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في معنى ذره ، لأنه يدل على ترك الشيء مع الحذر منه ، فكأن معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين اتركوه غير معتدين به حذرين من أن تنالوا منه شيئا فإنه إثم كله .
[ ص: 1057 ] هذا هو البحث اللغوي الذي يظهر لنا بعض ما في النص الكريم من دقة وإحكام وإشارات بينة محكمة .
أما البحث الموضوعي ، فهو
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278ما بقي الذي أوجب الله تركه في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278وذروا ما بقي من الربا ما المراد منه : أهو الجزء الباقي من الربا الواجب التنفيذ بمقتضى العقد ; وهل الجزء الذي تسلموه من قبل مباح أو في موضع العفو ؟ قال العلماء ذلك ; أي أن الآية خاصة بالذين كانوا يتعاملون بالربا ، ولهم عقود ربوية قد قبضوا بعضها ، فإن لهم ما سلف ، أما الباقي فليس لهم أن يقبضوه ، وإن كان بعقود ربوية عقدت قبل التحريم . ويزكي هذا المعنى قوله تعالى من قبل :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله
ولقد روي في
nindex.php?page=treesubj&link=28861سبب نزول هذه الآية أنه كان بين قوم من ثقيف ، وبني المغيرة من بني مخزوم عقود ربا في الجاهلية ، فلما جاء الإسلام وحرم الربا ودخلت ثقيف في الإسلام طالبوا بني مخزوم بالربا الذي تعاقدوا عليه من قبل ، فقال أولئك ; لا نؤدي الربا في الإسلام بكسب الإسلام ، فكتب في ذلك عتاب بن أسيد نائب مكة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فنزلت هذه الآية .
وترى من هذا أن ما أخذ قبل التحريم فأمره إلى الله تعالى ، وما كان بعد التحريم لا يحل ، ولو كان العقد قبله ، ولذلك كانت الأحكام الإسلامية واجبة التطبيق على العقود التي تعقد قبل الإسلام إذا كانت مستمرة التنفيذ بعده وأحكامها تشتمل على أمر منهي عنه في الإسلام .
nindex.php?page=treesubj&link=19860_34134_5366_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ يُبَيِّنُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
nindex.php?page=treesubj&link=5366طَرِيقَ التَّوْبَةِ مِنَ الرِّبَا ، وَالْخُرُوجِ مِنْ مَآثِمِهِ ، وَيَحُثُّ عَلَى هَذِهِ التَّوْبَةِ بِإِثْبَاتِ أَنَّهَا مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْإِيمَانِ ، وَأَوَّلُ طُرُقِ التَّوْبَةِ لِمَنْ خُوطِبُوا بِالْقُرْآنِ أَوَّلَ نُزُولِهِ ، أَنْ يَتْرُكُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا ، فَمَا كَسَبُوهُ قَبْلَ الْخِطَابِ بِالتَّحْرِيمِ فَإِنَّهُ فِي مَرْتَبَةِ الْعَفْوِ ، أَمَّا مَا يَجِيءُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ بِعَقْدٍ سَابِقٍ فَإِنَّهُ حَرَامٌ ، وَلِذَا خَاطَبَهُمْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَفِي ذَلِكَ نَهْيٌ عَنْ أَخْذِ مَا اسْتَحَقَّ بِالْعُقُودِ السَّابِقَةِ . وَقَدْ تَأَكَّدَ النَّهْيُ بِثَلَاثَةِ مُؤَكِّدَاتٍ :
أَوَّلُهَا : تَصْدِيرُ النِّدَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ ذَلِكَ التَّصْدِيرَ لِبَيَانِ أَنَّ تَرْكَ الرِّبَا مِنْ شَأْنِ الْإِيمَانِ وَمُقْتَضَيَاتِهِ ، فَلَيْسَ مِنْ خُلُقِ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَكِتَابِهِ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ أَخْلَاقٍ سَامِيَةٍ وَمَبَادِئَ اجْتِمَاعِيَّةٍ عَالِيَةٍ ، أَنْ يَأْكُلُوا الرِّبَا وَأَنْ يَتَعَامَلُوا بِهِ ، لِأَنَّهُ ضِدُّ تَهْذِيبِ النَّفْسِ وَسُمُوِّ الرُّوحِ ، إِذْ هُوَ شَرَهٌ مَادِّيٌّ وَكَسْبٌ بِغَيْرِ الطَّرِيقِ الطَّبَعِيِّ ، وَلِأَنَّهُ يُقَوِّضُ بُنْيَانَ الِاجْتِمَاعِ ، وَيَجْعَلُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِهِ يَنْظُرُ إِلَى الْآخَرِ نَظَرَ الْقَنِيصَةِ الَّتِي يَقْتَنِصُهَا وَالْفَرِيسَةِ الَّتِي يَفْتَرِسُهَا ، فَتَنْقَطِعُ الْأَوْصَالُ ، وَيَنْتَثِرُ الْعَقْدُ الْجَامِعُ .
[ ص: 1056 ] ثَانِيهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278اتَّقُوا اللَّهَ فَهَذَا النَّصُّ يُفِيدُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19863_5366مِنْ مُقْتَضَيَاتِ التَّقْوَى اجْتِنَابُ الرِّبَا ، لِأَنَّ التَّقْوَى مَعْنَاهَا أَنْ يَجْعَلَ الْمُؤْمِنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآثَامِ وِقَايَةً ، وَأَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَضَبِ اللَّهِ تَعَالَى وِقَايَةً ، وَأَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِيذَاءِ النَّاسِ وِقَايَةً . وَالرِّبَا ضِدُّ هَذَا كُلِّهِ ، لِأَنَّهُ يُعَرِّضُ الْمَرْءَ لِلْمَآثِمِ ، فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِ أَنْ يَعْجِزَ الْمَدِينُ عَنِ الْوَفَاءِ - وَذَلِكَ كَثِيرٌ - تَتَوَالَى الْمُطَالَبَةُ الْمَصْحُوبَةُ بِالْأَذَى وَالتَّرَصُّدِ الْمُسْتَمِرِّ حَتَّى تُصْبِحَ عِيشَةُ الْمَدِينِ ضَنْكًا ، وَقَدْ يَبْخَعُ نَفْسَهُ تَخَلُّصًا مِنْ تِلْكَ الْمَآثِمِ الْمُتَوَالِيَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ .
ثَالِثُهَا : أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=5366سُبْحَانَهُ جَعَلَ تَرْكَ الرِّبَا شَرْطًا لِلِاسْتِمْرَارِ عَلَى الْإِيمَانِ ، فَقَالَ فِي خِتَامِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أَيْ إِنْ كُنْتُمْ مُسْتَمِرِّينَ عَلَى حُكْمِ الْإِيمَانِ ، مُذْعِنِينَ لِأَحْكَامِ الدَّيَّانِ .
وَهُنَا بَحْثَانِ أَحَدُهُمَا لُغَوِيٌّ ، وَالْآخَرُ مَوْضُوعِيٌّ :
أَمَّا الْبَحْثُ اللُّغَوِيُّ فَهُوَ فِي مَعْنَى كَلِمَةِ " ذَرُوا " فَإِنَّ مَعْنَاهَا اتْرُكُوا . وَقَدْ قَالَ النَّحْوِيُّونَ : إِنَّ مَاضِيَ " ذَرُوا " وَمَصْدَرَهَا قَدْ أَمَاتَهُمَا الْعَرَبُ كَالشَّأْنِ فِي دَعْ وَيَدَعُ ، وَقَدْ قَالَ فِي ذَلِكَ
الرَّاغِبُ الْأَصْفَهَانِيُّ : " يُقَالُ فِي ذَلِكَ فُلَانٌ يَذَرُ الشَّيْءَ أَيْ يَقْذِفُهُ لِقِلَّةِ اعْتِدَادِهِ بِهِ ، وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ مَاضِيهِ ; وَهَذَا الْكَلَامُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَاضِيَ قَدْ مَاتَ ، وَعَلَى أَنَّ " يَذَرُ " لَا تُسْتَعْمَلُ فِي مُطْلَقِ التَّرْكِ ، بَلْ تُطْلَقُ عَلَى التَّرْكِ الَّذِي يَصْحَبُهُ عَدَمُ اعْتِدَادٍ بِالْمَتْرُوكِ ، فَكَأَنَّ مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا اتْرُكُوهُ غَيْرَ مُعْتَدِّينَ بِهِ ، بَلِ اتْرُكُوهُ مُهْمِلِينَ لَهُ ، لِأَنَّهُ أَذًى فِي ذَاتِهِ .
nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيُّ يُقَرِّرُ ذَلِكَ فِي أَسَاسِ الْبَلَاغَةِ وَلَكِنَّهُ يُقَرِّرُ أَنَّ الْمَصْدَرَ هُوَ الَّذِي مَاتَ ، وَلَيْسَ الْمَاضِي ، وَلِذَا قَالَ فِي أَسَاسِ الْبَلَاغَةِ : ( ذَرْهُ وَاحْذَرْهُ ، وَالْعَرَبُ أَمَاتَتِ الْمَصْدَرَ مِنْهُ ، فَيَقُولُونَ : ذَرْ تَرْكًا ، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ذَرُوهُ قَالُوا وَذَرْنَاهُ ) . وَهَذَا مَعْنَى جَدِيدٌ أَتَى بِهِ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي مَعْنَى ذَرْهُ ، لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الشَّيْءِ مَعَ الْحَذَرِ مِنْهُ ، فَكَأَنَّ مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ اتْرُكُوهُ غَيْرَ مُعْتَدِّينَ بِهِ حَذِرِينَ مِنْ أَنْ تَنَالُوا مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّهُ إِثْمٌ كُلُّهُ .
[ ص: 1057 ] هَذَا هُوَ الْبَحْثُ اللُّغَوِيُّ الَّذِي يُظْهِرُ لَنَا بَعْضَ مَا فِي النَّصِّ الْكَرِيمِ مِنْ دِقَّةٍ وَإِحْكَامٍ وَإِشَارَاتٍ بَيِّنَةٍ مُحْكَمَةٍ .
أَمَّا الْبَحْثُ الْمَوْضُوعِيُّ ، فَهُوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278مَا بَقِيَ الَّذِي أَوْجَبَ اللَّهُ تَرْكَهُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا مَا الْمُرَادُ مِنْهُ : أَهُوَ الْجُزْءُ الْبَاقِي مِنَ الرِّبَا الْوَاجِبُ التَّنْفِيذِ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ ; وَهَلِ الْجُزْءُ الَّذِي تَسَلَّمُوهُ مِنْ قَبْلُ مُبَاحٌ أَوْ فِي مَوْضِعِ الْعَفْوِ ؟ قَالَ الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ ; أَيْ أَنَّ الْآيَةَ خَاصَّةٌ بِالَّذِينَ كَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِالرِّبَا ، وَلَهُمْ عُقُودٌ رِبَوِيَّةٌ قَدْ قَبَضُوا بَعْضَهَا ، فَإِنَّ لَهُمْ مَا سَلَفَ ، أَمَّا الْبَاقِي فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقْبِضُوهُ ، وَإِنْ كَانَ بِعُقُودٍ رِبَوِيَّةٍ عُقِدَتْ قَبْلَ التَّحْرِيمِ . وَيُزَكِّي هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى مِنْ قَبْلُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ
وَلَقَدْ رُوِيَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28861سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ قَوْمٍ مِنْ ثَقِيفٍ ، وَبَنِي الْمُغِيرَةِ مَنْ بَنِي مَخْزُومٍ عُقُودُ رِبًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ وَحَرَّمَ الرِّبَا وَدَخَلَتْ ثَقِيفٌ فِي الْإِسْلَامِ طَالَبُوا بَنِي مَخْزُومٍ بِالرِّبَا الَّذِي تَعَاقَدُوا عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ ، فَقَالَ أُولَئِكَ ; لَا نُؤَدِّي الرِّبَا فِي الْإِسْلَامِ بِكَسْبِ الْإِسْلَامِ ، فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ عَتَّابُ بْنُ أُسَيْدٍ نَائِبُ مَكَّةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ .
وَتَرَى مِنْ هَذَا أَنَّ مَا أُخِذَ قَبْلَ التَّحْرِيمِ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَمَا كَانَ بَعْدَ التَّحْرِيمِ لَا يَحِلُّ ، وَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ قَبْلَهُ ، وَلِذَلِكَ كَانَتِ الْأَحْكَامُ الْإِسْلَامِيَّةُ وَاجِبَةَ التَّطْبِيقِ عَلَى الْعُقُودِ الَّتِي تُعْقَدُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ إِذَا كَانَتْ مُسْتَمِرَّةَ التَّنْفِيذِ بَعْدَهُ وَأَحْكَامُهَا تَشْتَمِلُ عَلَى أَمْرٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ فِي الْإِسْلَامِ .