ومن سورة والصافات
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى : إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر إلى قوله : وفديناه بذبح عظيم قال : ظاهره يدل على أنه كان مأمورا بذبحه ، فجائز أن يكون الأمر إنما تضمن معالجة الذبح لا ذبحا يوجب الموت وجائز أن يكون الأمر حصل على شريطة التخلية والتمكين منه وعلى أن لا يفديه بشيء وأنه إن فدى منه بشيء قائما مقامه . والدليل على أن ظاهره قد اقتضى الأمر قوله : أبو بكر افعل ما تؤمر وقوله : وفديناه بذبح عظيم فلو لم يكن ظاهره قد اقتضى الأمر بالذبح لما قال : افعل ما تؤمر ولم يكن الذبح فداء عن ذبح متوقع . وروي أن إبراهيم عليه السلام كان نذر إن رزقه الله ولدا ذكرا أن يجعله ذبيحا لله ، فأمر بالوفاء به . وروي أن الله تعالى ابتدأ بالأمر بالذبح على نحو ما قدمنا وجائز أن يكون الأمر ورد بذبح ابنه وذبحه فوصل الله أوداجه قبل خروج الروح وكانت الفدية لبقاء حياته .
قال : وعلى أي وجه تصرف تأويل الآية قد تضمن الأمر بذبح الولد إيجاب شاة في العاقبة ، فلما صار موجب هذا اللفظ إيجاب شاة في المتعقب في شريعة أبو بكر إبراهيم عليه السلام وقد أمر الله باتباعه بقوله تعالى : ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وقال : أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده وجب على شاة وقد اختلف من نذر ذبح ولده السلف وفقهاء الأمصار بعدهم في ذلك [ ص: 252 ] فروى عن عكرمة في الرجل يقول : هو نحر ابنه ، قال : " كبش كما فدى ابن عباس إبراهيم إسحاق " .
وروى عن سفيان منصور عن الحكم عن في رجل نذر أن ينحر ابنه قال : " يهدي بدنة أو ديته شك الراوي . وعن علي مثل قول مسروق . وروى ابن عباس عن شعبة الحكم عن إبراهيم قال : " يحج ويهدي بدنة " .
وروى عن داود بن أبي هند عامر في رجل حلف أن ينحر ابنه قال : " قال بعضهم مائة من الإبل ، وقال بعضهم : كبش كما فدي إسحاق " .
قال : قال أبو بكر أبو حنيفة : " عليه ذبح شاة " وقال ومحمد : " لا شيء عليه " وقال أبو يوسف : " لو نذر ذبح عبده لم يكن عليه شيء " وقال أبو حنيفة محمد : " عليه ذبح شاة " . وظاهر الآية يدل على قول في ذبح الولد ؛ لأن هذا اللفظ قد صار عبارة عن إيجاب شاة في شريعة أبي حنيفة إبراهيم عليه السلام فوجب بقاء حكمه ما لم يثبت نسخه .
وذهب إلى حديث أبو يوسف أبي قلابة عن أبي المهلب عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عمران بن حصين آدم . وروى لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عمران بن حصين . لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين
قال : لا يلزم القائلين بالقول الأول وذلك لأن قوله : " علي ذبح ولدي " لما صار عبارة عن إيجاب ذبح شاة صار بمنزلة ما لو قال : " علي ذبح شاة " ولم يكن ذلك معصية ، وإنما لم يوجب أبو بكر على الناذر ذبح عبده شيئا ؛ لأن هذا اللفظ ظاهره معصية ولم يثبت في الشرع عبارة عن ذبح شاة فكان نذر معصية . وقد قالوا جميعا فيمن قال : لله علي أن أقتل ولدي : إنه لا شيء عليه ؛ لأن هذا اللفظ ظاهره معصية ، ولم يثبت في الشرع عبارة عن ذبح شاة وقد روى أبو حنيفة عن يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد قال : كنت عند القاسم بن محمد فجاءته امرأة فقالت : إني نذرت أن أنحر ابني قال : لا تنحري ابنك وكفري عن يمينك " فقال رجل عند ابن عباس : إنه لا وفاء لنذر في معصية ، فقال ابن عباس : " مه قال الله تعالى في الظهار ما سمعت وأوجب فيه ما ذكره " . ابن عباس
قال : وليس ذلك بمخالف لما قدمنا من قول أبو بكر في إيجابه كبشا ؛ لأنه جائز أن يكون من مذهبه إيجابهما جميعا إذا أراد بالنذر اليمين ، كما قال ابن عباس أبو حنيفة فيمن قال : " لله علي أن أصوم غدا " فلم يفعل وأراد اليمين أن عليه كفارة اليمين والقضاء جميعا . ومحمد
وقد اختلف في الذبيح من ولدي إبراهيم عليه السلام ، فروي عن علي وابن مسعود وكعب والحسن أنه وقتادة إسحاق ، وعن ابن عباس وابن عمر وسعيد بن المسيب ومحمد بن كعب القرظي أنه إسماعيل .
وروي عن النبي [ ص: 253 ] صلى الله عليه وسلم القولان جميعا . ومن قال : هو إسماعيل يحتج بقوله عقيب ذكر الذبح : وبشرناه بإسحاق نبيا فلما كانت البشارة بعد الذبح دل على أنه إسماعيل واحتج الآخرون بأنه ليس ببشارة بولادته وإنما هي بشارة بنبوته ؛ لأنه قال : وبشرناه بإسحاق نبيا