فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون
فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل أولو الثبات والجد منهم فإنك من جملتهم، ومن للتبيين، وقيل للتبعيض، وأولو العزم أصحاب الشرائع اجتهدوا في تأسيسها وتقريرها وصبروا على تحمل مشاقها ومعاداة الطاعنين فيها، ومشاهيرهم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى صلى الله وسلم عليهم. وقيل: الصابرون على بلاء الله كنوح صبر على أذى قومه، كانوا يضربونه حتى يغشى عليه، وإبراهيم على النار وذبح ولده والذبيح على الذبح، ويعقوب على فقد الولد والبصر، ويوسف على الجب والسجن، وأيوب على الضر، وموسى قال له قومه: إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين وداود بكى على خطيئته أربعين سنة، وعيسى لم يضع لبنة على لبنة. ولا تستعجل لهم لكفار قريش بالعذاب فإنه نازل بهم في وقته لا محالة. كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار استقصروا من هوله مدة لبثهم في الدنيا حتى يحسبوها ساعة. بلاغ هذا الذي وعظتم به أو هذه السورة بلاغ أي كفاية، أو تبليغ من الرسول عليه الصلاة والسلام ويؤيده أنه قرئ «بلغ»، وقيل: بلاغ مبتدأ خبره لهم وما بينهما اعتراض أي لهم وقت يبلغون إليه كأنهم إذا بلغوه ورأوا ما فيه استقصروا مدة عمرهم، وقرئ بالنصب أي بلغوا بلاغا. فهل يهلك إلا القوم الفاسقون [ ص: 118 ] الخارجون عن الاتعاظ أو الطاعة، وقرئ «يهلك» بفتح اللام وكسرها من هلك وهلك، و «نهلك» بالنون ونصب القوم.
عن النبي صلى الله عليه وسلم «من قرأ كتب له عشر حسنات بعدد كل رملة في الدنيا». سورة الأحقاف