أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا
أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم يعني: . وفي قوله : سكن الزوجة مستحق على زوجها مدة نكاحها وفي عدة طلاقها بائنا كان أو رجعيا من وجدكم أربعة أوجه :
أحدهما : من قوتكم ، قاله . الأعمش
الثاني : من سعيكم ، قاله . الأخفش
الثالث : من طاقتكم ، قاله قطرب .
الرابع : مما تجدون ، قاله ، ومعانيها متقاربة . الفراء ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن فيه قولان :
[ ص: 34 ]
أحدهما : في المساكن ، قاله . مجاهد
الثاني : لتضيقوا عليهن في النفقة ، قاله ، فعلى قول مقاتل أنه التضييق في المسكن فهو عام في حال الزوجية وفي كل عدة ، لأن مجاهد واجبة في كل عدة في طلاق يملك فيه الرجعة أو لا يملك . وفي وجوبه في عدة الوفاة قولان; وعلى قول السكنى للمعتدة أنه التضييق في النفقة فهو خاص في الزوجة وفي المعتدة من طلاق رجعي . وفي استحقاقها للمطلقة البائن قولان : مقاتل
أحدهما : لا نفقة للبائن في العدة ، وهو مذهب مالك رحمهما الله . والشافعي
الثاني : لها النفقة ، وهو مذهب رحمه الله . أبي حنيفة وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن وهذا في لأنها واجبة لها مدة حملها في قول الجميع سواء كان طلاقا بائنا أم رجعيا ، وإنما اختلفوا في وجوب النفقة لها هل استحقته بنفسها إن كانت بائنا أو بحملها على قولين . نفقة المطلقة الحامل فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وهذا في لأن نفقته ورضاعه واجب على أبيه دونها ، ولا أجرة لها إن كانت على نكاحه . المطلقة إذا أرضعت فلها على المطلق أجرة رضيعها وأتمروا بينكم بمعروف فيه وجهان :
أحدهما : قاله . السدي
الثاني : تراضوا يعني أبوي الولد يتراضيان بينهما إذا وقعت الفرقة بينهما بمعروف في أجرتها على الأب ورضاعها للولد . وإن تعاسرتم فيه وجهان :
أحدهما : تضايقتم وتشاكستم ، قاله . ابن قتيبة
[ ص: 35 ]
الثاني : اختلفتم . فسترضع له أخرى واختلافهما نوعان :
أحدهما : في الرضاع .
الثاني : في الأجر . فإن اختلفا في الرضاع فإن مكنت منه جبرا ، وإن دعت إلى إرضاعه فامتنع الأب ، فإن كان يقبل ثدي غيرها لم تجبر على إرضاعه ويسترضع له غيرها ، وإن كان لا يقبل ثدي غيرها أجبرت على إرضاعه بأجر مثلها . وإن اختلفا في الأجر فإن دعاها الأب إلى إرضاعه فامتنعت فالأم أولى بأجر المثل إذا لم يجد الأب متبرعا . وإن دعت إلى أجر مثلها وامتنع الأب إلا تبرعا فالأب أولى به ، فإذا دعا الأب إلى أجر المثل وامتنعت الأم شططا أخذت جبرا برضاع ولدها . أعسر الأب بأجرتها لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : لا يكلف الله الأب نفقة المرضع إلا بحسب المكنة ، قاله . ابن جبير
الثاني : لا يكلفه الله أن يتصدق ويزكي وليس عنده مال مصدق ولا مزكى ، قاله . ابن زيد
الثالث : أنه لا يكلفه فريضة إلا بحسب ما أعطاه الله من قدرته ، وهذا معنى قول مقاتل . سيجعل الله بعد عسر يسرا يحتمل وجهين :
أحدهما : يعني بعد ضيق سعة .
الثاني : بعد عجز قدرة .
[ ص: 36 ]