[ ص: 28 ]
سورة الطلاق
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا
قوله تعالى يا أيها النبي إذا طلقتم النساء الآية . هذا وإن كان خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم [فهو شامل لأمته فروى عن قتادة قال : أنس رضي الله عنها فأتت أهلها فأنزل الله تعالى عليه : حفصة يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وقيل له راجعها فإنها قوامة صوامة ، وهي من أزواجك في الجنة)] . (طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدتهن يعني في طهر من غير جماع ، وهو . وفي طلاق السنة قولان : اعتبار العدد في طلاق السنة
أحدهما : أنه معتبر وأن من السنة أن يطلق في كل قرء واحدة ، فإن كان طلاق بدعة ، وهذا قول طلقها ثلاثا معا في قرء أبي حنيفة رحمهما الله . ومالك
[ ص: 29 ]
الثاني : أنه غير معتبر ، وأن السنة في زمان الطلاق لا في عدده ، فإن طلقها ثلاثا في قرء كان غير بدعة ، قاله رحمه الله ، وقد روي الشافعي . وإن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ : فطلقوهن لقبل عدتهن كان بدعة ، وهو واقع ، وزعم طائفة أنه غير واقع لخلاف المأذون فيه فأما طلقها حائضا أو طهر جماع فلا سنة فيه ولا بدعة . ثم قال تعالى : طلاق الحامل وغير المدخول بها والصغيرة واليائسة والمختلعة وأحصوا العدة يعني في المدخول بها ، لأن غير المدخول بها لا عدة عليها ، ويكون بعدها كأحد الخطاب ، ولا تحل له في الثلاث إلا بعد زوج . وله أن يراجعها فيما دون الثلاث قبل انقضاء العدة واتقوا الله ربكم يعني في نسائكم المطلقات . لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن يعني في زمان عدتهن ، لوجود السكنى لهن . إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فيه أربعة تأويلات : أحدها : أن الفاحشة يعني الزنا ، والإخراج هو إخراجها لإقامة الحد ، قاله ابن عمر والحسن . والثاني : أنه البذاء على أحمائها ، وهذا قول ومجاهد عبد الله بن عباس . والشافعي
الثالث : كل معصية لله ، وهذا مروي عن أيضا . ابن عباس
الرابع : أن الفاحشة خروجهن ، ويكون تقدير الآية : إلا أن يأتين بفاحشة مبينة بخروجهن من بيوتهن ، قاله . السدي وتلك حدود الله يعني وهذه حدود الله ، وفيها ثلاثة أوجه :
أحدها : يعني طاعة الله ، قاله . ابن عباس
الثاني : سنة الله وأمره ، قاله . ابن جبير
[ ص: 30 ]
الثالث : شروط الله ، قاله . السدي ومن يتعد حدود الله فيه تأويلان :
أحدهما : من لم يرض بها ، قاله . ابن عباس
الثاني : من خالفها ، قاله . ابن جبير فقد ظلم نفسه فيه وجهان :
أحدهما : فقد ظلم نفسه في عدم الرضا ، باكتساب المأثم .
الثاني : في وقوع الطلاق في غير الطهر للشهور لتطويل هذه العدة والإضرار بالزوجة . لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا يعني رجعة ، في قول جميع المفسرين إن طلق دون الثلاث .