فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا
فإذا بلغن أجلهن يعني قاربن انقضاء عدتهن . فأمسكوهن بمعروف يعني بالإمساك الرجعة . وفي قوله بمعروف وجهان :
أحدهما : بطاعة الله في الشهادة ، قاله . مقاتل
الثاني : أن لا يقصد الإضرار بها في المراجعة تطويلا لعدتها . أو فارقوهن بمعروف وهذا بأن لا يراجعها في العدة حتى تنقضي في منزلها . وأشهدوا ذوي عدل منكم يعني على الرجعة في العدة ، فإن ففي صحة الرجعة قولان للفقهاء . راجع من غير شهادة
[ ص: 31 ]
ومن يتق الله يجعل له مخرجا فيه سبعة أقاويل : أحدها : أي ينجيه من كل كرب في الدنيا والآخرة ، قاله . ابن عباس
الثاني : أن المخرج علمه بأنه من قبل الله ، فإن الله هو الذي يعطي ويمنع ، قاله . مسروق
الثالث : أن المخرج هو أن يقنعه الله بما رزقه ، قاله . علي بن صالح
الرابع : مخرجا من الباطل إلى الحق ، ومن الضيق إلى السعة ، قاله . ابن جريج
الخامس : ومن يتق الله بالطلاق يكن له مخرج في الرجعة في العدة ، وأن يكون كأحد الخطاب بعد العدة ، قاله . الضحاك
والسادس : ومن يتق الله بالصبر عند المصيبة يجعل له مخرجا من النار إلى الجنة ، قاله . الكلبي
السابع : أن أسر ابنه عوف بن مالك الأشجعي ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكا إليه ذلك مع ضر أصابه ، فأمره أن يكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله ، فأفلت ابنه من الأسر وركب ناقة للقوم ومر في طريقه بسرح لهم فاستاقه ، ثم قدم عوف فوقف على أبيه يناديه وقد ملأ الأقبال إبلا ، فلما رآه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره وسأله عن الإبل فقال : اصنع بها ما أحببت وما كنت صانعا بمالك ، فنزلت هذه الآية عوف ومن يتق الله يجعل له مخرجا الآية ، فروى عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عمران بن حصين . (من انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤونة ورزقه الله من حيث لا يحتسب ، ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها) إن الله بالغ أمره قال : إن الله قاض أمره فيمن توكل عليه وفيمن [ ص: 32 ] مسروق
لم يتوكل عليه ، إلا أن من توكل يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا . قد جعل الله لكل شيء قدرا فيه ثلاثة أوجه :
أحدهما : يعني وقتا وأجلا ، قاله . مسروق
الثاني : منتهى وغاية ، قاله قطرب . والأخفش
الثالث : مقدارا واحدا ، فإن كان من أفعال العباد كان مقدرا بأوامر الله ، وإن كان من أفعال الله ففيه وجهان :
أحدهما : بمشيئته .
الثاني : أنه مقدر بمصلحة عباده .