( ) في جميع ما مر فيها رجع قبل انقضائها لأن التأقيت وعد لا يلزم وقيل لا يجوز الرجوع حينئذ وإلا لم يكن للتأقيت فائدة أو بعده ويأتي معنى الرجوع حينئذ وذكر المدة كما يجوز أن يكون للقلع يجوز أن يكون لمنع الأحداث أو لطلب الأجرة ( تنبيه ) قوله كالمطلقة وقول الشراح في جميع ما مر فيها مشكل لأنهم إن أرادوا التشبيه في البناء والغراس فقط كما يدل عليه حكاية القول الآتي ورد عليهم أنه إذا أعير لهما ولم يذكر مدة فله فعلهما ما لم يرجع لكن لا يفعلهما إلا مرة واحدة وغيرهما مثلهما في ذلك ، وإن قيد بمدة كرر المرة بعد الأخرى ما لم تنقض أو يرجع أو فيهما وفي غيرهما ورد عليهم منع الانتفاع بعد المدة ولزوم الأجرة فيه بخلافه في المطلقة وكأنهم وكلوا هذا التفصيل إلى محله في الكتب المبسوطة ( وفي قول له القلع فيها ) أي المؤقتة بعد المدة ( مجانا إذا رجع ) أي انتهت بانتهاء المدة لأن فائدة التأقيت القلع بعد المدة وجوابه ما مر قبيله ( وإذا أعار لزراعة ) مطلقا ( فرجع قبل إدراك الزرع فالصحيح أن عليه الإبقاء إلى الحصاد ) إن نقص بالقلع قبله لأنه محترم وله أمد ينتظر بخلاف ما إذا لم ينقص كما بحثه والعارية المؤقتة كالمطلقة ابن الرفعة لانتفاء الضرر هذا إن لم يحصد قصيلا كقمح أما ما يحصد قصيلا كباقلاء فيكلف قلعه في وقته المعتاد
( و ) الصحيح ( أن له الأجرة ) أي أجرة مدة الإبقاء وقت الرجوع لانتفاء الإباحة به فأشبه ما إذا أعار دابة ثم رجع أثناء الطريق فعليه نقل متاعة إلى ما من بأجرة المثل كما مر ( فلو عين مدة ) للزراعة ( ولم يدرك ) الزرع ( فيها لتقصيره بتأخير الزراعة ) [ ص: 435 ] أو بنفسها كأن كان على الأرض نحو سيل أو ثلج ، ثم زرع بعد زواله ما لا يدرك في بقية المدة أو زرع غير المعين مما يبطئ أكثر منه ( قلع مجانا ) لما تقرر من تقصيره ويلزمه أيضا تسوية الأرض أما إذا لم يقصر فلا يقلع مجانا كما لو أطلق سواء أكان عدم الإدراك لنحو برد أم لقصر المدة المعينة ( ولو بمعجمة أي ما سيصير مبذورا ، ولو نواة أو حبة لم يعرض مالكها عنها ( إلى أرض ) لغير مالكه ( فنبت فهو ) أي النابت ( لصاحب البذر ) لأنه عين ماله وإن تحول لصفة أخرى فيجب على ذي الأرض فالحاكم رده إليه أي إعلامه به كما في الأمانة الشرعية أما ما أعرض مالكه عنه وهو ممن يصح إعراضه لا كسفيه فهو لذي الأرض إن قلنا بزوال ملك مالكه عنه بمجرد الإعراض حمل السيل ) أو نحو الهواء ( بذرا )
( تنبيه ) سيعلم مما يأتي قبيل الأضحية جواز أخذ ما يلقى مما يعرض عنه غالبا ويؤخذ منه أن ما هو كذلك يملكه مالك الأرض هنا ، وإن لم يتحقق إعراض المالك عنه وحينئذ فالشرط أن لا يعلم عدم إعراضه لا أن يعلم إعراضه خلافا لما يوهمه كلامهم هنا فتأمله ( والأصح أنه يجبر ) أي يجبره المالك ولو من غير رفع الحاكم بأن يتولى قلعه بنفسه نظير ما مر في الصلح خلافا لابن الرفعة ( على قلعه ) لأن المالك لم يأذن فيه فأشبه ما إذا انتشرت أغصان شجرة للغير إلى هواء داره ولا أجرة لمالك الأرض على مالك البذر لمدته قبل القلع وإن كثر كما جزم به في المطلب لعدم الفعل منه ، ومن ثم لزمه تسوية الحفر الحاصلة بالقلع لأنه من فعله وقضية ذلك أنه لو كان وصوله لأرض الغير من فعل مالكه كأن بذره فيما يظن أنه ملكه فبان غير ملكه لزمته الأجرة وهو متجه وسئلت عن فأجبت بأنه يجبر أخذا مما ذكر هنا في محمول السيل وفي انتشار الأغصان سيل نقل تراب وحجارة أرض عليا إلى سفلى هل يجبر مالك العليا على إزالة ذلك
( ولو ويجوز كما رجحه ركب دابة ، وقال لمالكها أعرتنيها ، فقال أعرتكها ) [ ص: 436 ] مدة كذا بكذا السبكي إطلاق الأجرة بناء على الأصح الآتي أن الواجب أجرة المثل ( أو اختلف مالك الأرض وزارعها كذلك فالمصدق المالك على المذهب ) لا في بقاء العقد لو بقي بعض المدة بل في استحقاق الأجرة أو القيمة بتفصيلهما الآتي لأن الغالب إذنه في الانتفاع بمقابل فيحلف لكل يمينا تجمع نفيا وإثباتا أنه ما أعاره بل آجره ويستحق أجرة المثل إن وقع الاختلاف مع بقائها وبعد مضي مدة لها أجرة فإن وقع قبل مضي تلك المدة صدق مدعي العارية بيمينه قطعا لأنه لم يتلف شيئا حتى يجعل مدعيا لسقوط بدله أو بعد تلفها ومضي مدة لها أجرة فإن كانت القيمة دون الأجرة أو مثلها أخذها بلا يمين لاتفاقهما على وجوب قدرها ولا يضر الاختلاف في الجهة ويحلف للزائد في الأولى ( وكذا ) يصدق المالك فيما ( لو قال ) الراكب أو الزارع ( أعرتني ، وقال المالك بل غصبته مني ) وقد مضت مدة لمثلها أجرة والعين باقية لأن الأصل أنه لم يأذن فيحلف وله أجرة المثل
( فإن تلفت العين ) قبل درها تلفا تضمن به العارية ( فقد اتفقا على الضمان ) لها لأن كلا من المعار والمغصوب مضمون ( لكن ) يوجه الاستدراك فيه خلافا لمن زعم أنه لا وجه له بأن قوله اتفقا على الضمان يقتضي مساواة ضمان العارية لضمان الغصب الذي سيذكره وما قبله من ذكر الاختلاف يقتضي تخالفهما وأنه متفق عليه فبين تخالفهما بذكر ما تضمن به العارية عنا المخالف لما سيذكره في ضمان الغصب وما فيها من الخلاف المشتمل على بيان اتحادهما على وجه ( الأصح أن العارية تضمن بقيمة يوم التلف ) إن كانت متقومة وإلا فبالمثل على المعتمد [ ص: 437 ] والمغصوب يضمن بأقصى القيم من يوم القبض إلى يوم التلف والفرق أن هذا متعد فغلظ عليه بالنظر لأي زيادة وجدت في يده بخلاف المستعير فنظر لأول وقت ضمانها وهو وقت التلف و ( لا ) تضمن العارية ( بأقصى القيم ولا بيوم القبض ) خلافا لمقابل الأصح ( فإن كان ما يدعيه المالك ) بالغصب ( أكثر ) من قيمة يوم التلف ( حلف للزيادة ) أنه يستحقها وما يساويها وما دونها فيأخذه بلا يمين لاتفاقهما عليه نظير ما مر وفي الروضة لو قال المالك غصبتني وذو اليد أودعتني حلف المالك لأنه يدعي عليه الإذن والأصل عدمه وأخذ القيمة إن تلف والأجرة إن مضت مدة لمثلها أجرة
ومحله إن لم يوجد من ذي اليد استعمال وإلا صدق المالك بلا يمين فإن قلت يخالف هذا ما مر في الإقرار أن من أقر بألف وفسرها الوديعة قبل أي سواء أقال أخذتها منه أم دفعها إلي على المعتمد ولم ينظر لدعوى المقر له الغصب قلت يفرق بأن الألف ثم لم تثبت إلا بإقراره فصدق في صفة ثبوتها ويؤيده قولهم من كان القول قوله في أصل الشيء كان القول قوله في صفته وممن تكلم على هذه القاعدة وأطال التاج السبكي في قواعده ولأنه لا أصل هنا يخالف دعواه الوديعة بخلافه فيما نحن فيه فإنه لما علم أن يده على العين اقتضى ذلك ضمانه إذ هو الأصل في الاستيلاء على مال الغير فدعواه الإذن مخالفة لأصل الضمان الناشئ عن الاستيلاء والأصل عدم الإذن فصدق المالك وبهذا يعلم ضعف قول البغوي لو دفع لغيره ألفا فهلكت فادعي الدافع القرض والمدفوع إليه الوديعة صدق المدفوع إليه وسيأتي آخر القراض ما له تعلق بذلك ، ثم رأيت ما يرد كلام البغوي وهو قول الأنوار عن منهاج القضاة لو قال بعد تلفه دفعته قرضا ، وقال الآخر بل وكالة صدق الدافع ا هـ .