( كتاب العارية ) بتشديد الياء وقد تخفف اسم لما يعار وللعقد المتضمن لإباحة الانتفاع بما يحل الانتفاع به مع بقاء عينه ليرده من عار ذهب وجاء بسرعة أو من التعاور أي التناوب لا من العار لأنه يائي وهي واوية وأصلها قبل الإجماع { ويمنعون الماعون } قال جمهور المفسرين هو ما يستعيره الجيران بعضهم من بعض { فركبه لأبي طلحة } متفق عليه { واستعارته صلى الله عليه وسلم فرسا يوم حنين ، فقال أغصب يا صفوان بن أمية محمد ، فقال لا بل عارية مضمونة } رواه وأدرعا من أبو داود وهي سننه قال والنسائي الروياني وغيره وكانت واجبة أول الإسلام [ ص: 410 ] للآية وقد تجب كإعارة نحو ثوب لدفع مؤذ كحر ومصحف أو ثوب توقفت صحة الصلاة عليه أي حيث لا أجرة له لقلة الزمن وإلا لم يلزمه بذله بلا أجرة فيما يظهر ، ثم رأيت الأذرعي ذكره حيث قال والظاهر من حيث الفقه وجوب إعارة كل ما فيه إحياء مهجة محترمة لا أجرة لمثله ، وكذا إعارة سكين لذبح مأكول يخشى موته وكإعارة ما كتب صاحب كتاب الحديث بنفسه أو مأذونه فيه سماع غيره أو روايته لينسخه منه كما صوبه المصنف وغيره .
وتحرم كما يأتي مع بيان أنها فاسدة وتكره كإعارة مسلم لكافر كما يأتي أربعة معير ومستعير ومعار وصيغة ( وأركانها ) [ ص: 411 ] الاختيار كما يعلم مما يأتي في الطلاق فلا تصح إعارة مكره أي بغير حق وإلا كالإكراه عليها حيث وجبت صحت فيما يظهر و ( صحة تبرعه ) بأن يكون رشيدا لأنها تبرع بالمنافع فلا تصح إعارة محجور إلا السفيه لبدن نفسه إذا لم يقصد عمله لاستغنائه عنه بماله على أنه في الحقيقة لا استثناء لأن بدنه في يده فلا عارية وإلا المفلس لعين زمنا لا يقابل بأجرة ولا مكاتب بغير إذن سيده إلا في نظير ما ذكر في المفلس فيما يظهر . شرط المعير
ويشترط ذلك في المستعير أيضا فلا تصح استعارة محجور ، ولو سفيها ولا استعارة وليه له إلا لضرورة كبرد مهلك فيما يظهر أو حيث لا ضمان كأن استعار له من نحو مستأجر ويشترط تعيينه فلو فرش بساطه لمن يجلس عليه ، ولو بالقرينة كما على دكاكين البزازين بالنسبة لمريد الشراء منهم لم يكن عارية بل مجرد إباحة ، ولو أرسل صبيا ليستعير له شيئا لم يصح فلو تلف في يده أو أتلفه لم يضمنه هو ولا مرسله كذا في الجواهر ونظر غيره في قوله أو أتلفه والنظر واضح إذا الإعارة ممن علم أنه رسول لا تقتضي تسليطه على الإتلاف فليحمل ذلك على ما إذا لم يعلم أنه رسول ( وملكه المنفعة ) وأن يملك الرقبة لأن الإعارة إنما ترد على المنفعة .
وأخذ الأذرعي منه امتناع إعارة صوفي وفقيه سكنهما في رباط ومدرسة لأنهما يملكان الانتفاع لا المنفعة وكان مراده أن ذلك لا يسمى عارية حقيقة فإن أراد حرمته [ ص: 412 ] فممنوع حيث لا نص من الواقف أو عادة مطردة في زمنه تمنع ذلك وكملكه لها اختصاصه بها لما سيذكره في الأضحية أن له إعارة هدي أو الأضحية نذره مع خروجه عن ملكه ومثله إعارة كلب للصيد وإعارة الأب لابنه الصغير ، وكذا المجنون والسفيه كما بحثه الزركشي زمنا لا يقابل بأجرة ولا يضر به لأن له استخدامه في ذلك وأطلق الروياني حل إعارته لخدمة من يتعلم منه لقصة في الصحيح وظاهر أن تسمية مثل هذه المذكورات عارية فيه نوع تجوز . أنس
قال الإسنوي وإعارة الإمام مال بيت المال لأنه إذا جاز له التمليك فالإعارة أولى ورد بأنه إن أعاره لمن له حق في بيت المال فهو إيصال حق لمستحقه فلا يسمى عارية أو لمن لا حق له فيه لم يجز لأن الإمام فيه كالولي في مال وليه وهو لا يجوز له إعارة شيء منه مطلقا ، ومن ثم كان المعتمد أنه لا يصح بيعه لقن بيت المال من نفسه لأنه عقد عتاقة وهو ليس من أهل العتق ولو بعوض كالكتابة لأنه بيع لبعض بيت المال ببعض آخر لملكه إكسابه لولا البيع ولأنه يمتنع عليه تسليم ما باعه قبل قبض ثمنه وهذا مثله لأن القن قبل العتق لا ملك له وبعده قد يحصل ، وقد لا فلا مصلحة في ذلك لبيت المال أصلا ومن هذا أخذ جمع متأخرون أن أوقاف الأتراك لا تجب مراعاة [ ص: 413 ] شروطهم فيها لبقائها على ملك بيت المال لأنهم أرقاء له فمن له فيه حق حلت له على أي وجه وصلت إليه ومن لا لم تحل له مطلقا .
( فيعير مستأجر ) إجارة صحيحة كما يعلم مما يأتي وموصى له بالمنفعة إلا مدة حياته على تناقض فيه وموقوف عليه على ما مر إن لم يشرط الواقف استيفاءه بنفسه أي بإذن الناظر إن كان غيره وعليه يحمل تقييد ابن الرفعة جواز إعارة الموقوف عليه بما إذا كان ناظرا أي وإلا احتاج إلى إذن الناظر إذا من الواضح أن مراده أن لا يصدر ذلك إلا عن رأيه ليشمل كونه مستحقا وآذنا للمستحق وذلك لملكهم المنفعة ( لا مستعير ) بغير إذن المال ( على الصحيح ) لأنه لا يملكها وإنما يملك أن ينتفع ومن لم يؤجر ولا تبطل عاريته إلا بإذن المالك له فيها ولا يبرأ من ضمانها إلا إن عين له الثاني .
( وله أن يستنيب من يستوفي المنفعة له ) كأن يركب دابة استعارها للركوب [ ص: 414 ] من هو مثله أو دونه لحاجته قال في المطلب ، وكذا زوجته وخادمه لأن الانتفاع راجع إليه أيضا ومنه يؤخذ أنه لا يركبهما إلا في أمر تعود منفعته عليه وحينئذ يكون مما شمله قولهم لحاجته فلا يحتاج إليه لا يقال فائدته أن له إركابهما ، وإن كانا أثقل منه فلا يشمله ما قبله لأنا نقول ممنوع لأن رعاية كون نائبه مثله أو دونه لا بد منها مطلقا كما يعلم مما يأتي في المتن والذي يتجه أنه إذا استعار لإركاب زوجته فلانة جاز له إركاب ضرتها التي مثلها أو دونها ما لم تقم قرينة على التخصيص ككون المسماة محرم المعبر ( و ) .