وكان طوافه على راحلته ، ولم يكن محرما يومئذ فاقتصر على الطواف فلما أكمله ، دعا ، فأخذ منه مفتاح عثمان بن طلحة الكعبة ، فأمر بها ففتحت فدخلها فرأى فيها الصور ورأى فيها صورة إبراهيم وإسماعيل يستقسمان بالأزلام ، فقال : " " . قاتلهم الله والله إن استقسما بها قط
الكعبة حمامة من عيدان ، فكسرها بيده ، وأمر بالصور فمحيت . ورأى في
ثم أغلق عليه الباب وعلى أسامة وبلال ، فاستقبل الجدار الذي يقابل الباب ، حتى إذا كان بينه وبينه قدر ثلاثة أذرع ، وقف وصلى هناك ، ثم دار في البيت ، وكبر في نواحيه ، ووحد الله ، ثم فتح الباب ، وقريش قد ملأت المسجد صفوفا ينتظرون ماذا يصنع ، فأخذ بعضادتي الباب وهم تحته ، فقال : " قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية ، وتعظمها بالآباء ، الناس من آدم وآدم من تراب " ثم تلا هذه الآية ( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) [ الحجرات : 13 ] ، ثم قال : " يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم ؟ " قالوا : خيرا أخ كريم وابن أخ كريم ، قال : " فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته : لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء " . لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم [ ص: 359 ] الأحزاب وحده ، ألا كل مأثرة أو مال أو دم ، فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ، ألا وقتل الخطإ شبه العمد السوط والعصا ، ففيه الدية مغلظة ، مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها . يا معشر
[ ص: 360 ] ثم جلس في المسجد ، فقام إليه علي - رضي الله عنه - ومفتاح الكعبة في يده فقال : يا رسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أين " ؟ ، فدعي له فقال له : " هاك مفتاحك يا عثمان بن طلحة عثمان ، اليوم يوم بر ووفاء " .
وذكر ابن سعد في "الطبقات"عن قال : كنا نفتح عثمان بن طلحة الكعبة في الجاهلية يوم الاثنين والخميس ، فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما يريد أن يدخل الكعبة مع الناس فأغلظت له ونلت منه ، فحلم عني ، ثم قال : " عثمان لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت ، فقلت : لقد هلكت قريش يومئذ وذلت ، فقال : بل عمرت وعزت يومئذ ، ودخل الكعبة فوقعت كلمته مني موقعا ظننت يومئذ أن الأمر سيصير إلى ما قال ، فلما كان يوم الفتح قال : يا عثمان ائتني بالمفتاح ، فأتيته به فأخذه مني ثم دفعه إلي وقال : خذوها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم ، يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته ، فكلوا مما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف " قال : فلما وليت ناداني فرجعت إليه ، فقال : " ألم يكن الذي قلت لك ؟ " قال : فذكرت قوله لي يا بمكة قبل الهجرة : لعلك سترى هذا المفتاح بيدي أضعه [ ص: 361 ] حيث شئت ، فقلت : بلى أشهد أنك رسول الله ".
وذكر : أن سعيد بن المسيب العباس تطاول يومئذ لأخذ المفتاح في رجال من بني هاشم ، فرده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى " عثمان بن طلحة