ومنها أن ينصرف ماشيا عندنا سواء كان انصرافه من القبلة إلى العدو أو من العدو إلى القبلة لأن الركوب عمل كثير وهو مما لا يحتاج إليه بخلاف المشي فإنه أمر لا بد منه حتى يصطفوا بإزاء العدو ، وكذا أخذ السلاح أمر لا بد منه لإرهاب العدو والاستعداد للدفع ولأنهم لو غفلوا عن أسلحتهم يميلون عليهم على ما نطق به الكتاب والأصل أن الإتيان بعمل كثير ليس من أعمال الصلاة فيها لأجل الضرورة فيختص بمحل الضرورة ، ولا يركب عند انصرافه إلى وجه العدو ولو ركب فسدت صلاته ; لقوله تعالى { ولو كان الخوف أشد ولا يمكنهم النزول عن دوابهم صلوا ركبانا بالإيماء فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } ثم إن قدروا على استقبال القبلة يلزمهم الاستقبال وإلا فلا بخلاف التطوع إذا صلاها على الدابة حيث لا يلزمه الاستقبال وإن قدر عليه ; لأن حالة الفرض أضيق ألا ترى أنه يجوز الإيماء في التطوع مع القدرة على النزول ولا يجوز ذلك في الفرض ، ويصلون وحدانا ولا يصلون جماعة ركبانا في ظاهر الرواية ، وقد روي عن أنه جوز محمد وقال أستحسن ذلك لينالوا فضيلة الصلاة بالجماعة وقد جوزنا لهم ما هو أعظم من ذلك وهو الذهاب والمجيء لإحراز فضيلة الجماعة . لهم في الخوف أن يصلوا ركبانا بجماعة
وجه ظاهر الرواية أن بينهم وبين الإمام طريقا فيمنع ذلك صحة الاقتداء على ما بينا فيما تقدم إلا أن يكون فيصح اقتداؤه به لعدم المانع ، والاعتبار بالمشي غير سديد ; لأن ذلك أمر لا بد منه فسقط اعتباره للضرورة ولا ضرورة ههنا ولو صلى راكبا والدابة سائرة فإن كان مطلوبا فلا بأس به ; لأن السير فعل الدابة في الحقيقة وإنما يضاف إليه من حيث المعنى لتسييره فإذا جاء العذر انقطعت الإضافة إليه بخلاف ما إذا صلى ماشيا أو سابحا حيث لا يجوز ; لأن ذلك فعله حقيقة فلا يتحمل إلا إذا كان في معنى مورد النص وليس ذلك في معناه على ما مر وإن الرجل مع الإمام على دابة واحدة ; لأنه لا خوف في حقه فيمكنه النزول وكذلك الراجل إذا لم يقدر على الركوع والسجود يومئ إيماء لمكان العذر كالمريض . كان الراكب طالبا فلا يجوز