يستوي فيه المقدم والمؤخر والثنايا والأضراس والأنياب ، والأصل فيه ما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال { وفي كل سن خمس من الإبل } من غير فصل بين سن وسن ، ومن الناس من فضل أرش الطواحن على أرش الضواحك ، وهذا غير سديد لأن الحديث [ ص: 315 ] لا يوجب الفضل وهذا لا يجري على قياس الأصابع ; لأن الشرع ورد في كل سن بخمس من الإبل ; لأن الأسنان اثنان وثلاثون فيزيد الواجب في جملتها على قدر الدية . في كل سن خمس من الإبل
ولو فعليه دية وثلاثة أخماس الدية ; لأن جملة الأسنان اثنان وثلاثون سنا ، عشرون ضرسا وأربعة أنياب ، وأربع ثنايا وأربع ضواحك في كل سن نصف عشر الدية فيكون جملتها ستة عشر ألف درهم ، وهي دية وثلاثة أخماس دية تؤدى هذه الجملة في ثلاث سنين ، في السنة الأولى ثلثا الدية ثلث من ذلك من الدية الكاملة ، وهي عشرة آلاف درهم ، وثلث من ثلاثة أخماس الدية وهي ستة آلاف درهم ، وفي السنة الثانية الثلث من الدية الكاملة والباقي من ثلاثة أخماس الدية ، وفي السنة الثالثة ثلث الدية ، وهو ما بقي من الدية الكاملة ، وإنما كان كذلك لأن الدية الكاملة تؤدى في ثلاث سنين في كل سنة ثلثها وثلاثة أخماس الدية ، وهي ستة آلاف درهم تؤدى في سنتين من السنين الثلاث ، وهذا يلزم أن يكون قدر المؤدى من الدية الكاملة والناقصة في السنتين الأوليين ، وقدر المؤدى من الدية الكاملة في السنة الثالثة ما وصفنا ، والله سبحانه وتعالى أعلم . ضرب رجلا ضربة فألقى أسنانه كلها
ولو ينتظر بها حولا لما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال { ضرب أسنان رجل وتحركت يستأنى بالجراح حتى تبرأ } والتقدير بالسنة لأنها مدة يظهر فيها حقيقة حالها من السقوط والتغير والثبوت ، وسواء كان المضروب صغيرا أو كبيرا ، كذا روي في المجرد عن رضي الله عنه أنه يؤجل سنة سواء كان صغيرا أو كبيرا وقال أبي حنيفة - رحمه الله - ينتظر في الصغير ولا ينتظر في الرجل . أبو يوسف
وعن - رحمه الله - أنه ينتظر إذا تحركت وإذا سقطت لا ينتظر . محمد
وجه قوله أن السن إذا تحركت قد تثبت وقد تسقط فأما إذا سقطت فالظاهر أنها لا تثبت .
وجه قول في الفرق بين الصغير ، والكبير أن سن الصغير يثبت ظاهرا وغالبا ، وسن الكبير لا تثبت ظاهرا . أبي يوسف
وجه قول رضي الله عنه أن احتمال النبات ثابت فيجب التوقف فيه فإن اشتدت ولم تسقط فلا شيء فيها . أبي حنيفة
وروي عن - رحمه الله - فيها حكومة عدل ، وإن تغيرت فإن كان التغير إلى السواد أو إلى الحمرة أو إلى الخضرة ففيها الأرش تاما لأنه ذهبت منفعتها ، وذهاب منفعة العضو بمنزلة ذهاب العضو ، وإن كان التغير إلى الصفرة ففيها حكومة العدل . أبي يوسف
وروي عن رضي الله عنه أنه إن كان حرا فلا شيء فيه ، وإن كان مملوكا ففيه الحكومة . أبي حنيفة
وهذه الرواية لا تكاد تصح عنه ; لأن الحر أولى بإيجاب الأرش من العبد .
وقال - رحمه الله - في الصفرة الأرش تاما كما في السواد ; لأن كل ذلك يفوت الجمال . زفر
( ولنا ) أن الصفرة لا توجب فوات المنفعة ، وإنما توجب نقصانها فتوجب حكومة العدل .
وروي عن أنه إن كثرت الصفرة حتى تكون عيبا كعيب الحمرة والخضرة ففيها عقلها تاما ، ويجب أن يكون هذا قولهم جميعا . أبي يوسف
وإن سقطت فإن نبت مكانها أخرى ينظر إن نبتت صحيحة فلا شيء فيها في قول رضي الله عنه وقال أبي حنيفة رحمه الله عليه الأرش كاملا ، كذا ذكر أبو يوسف - رحمه الله ، وذكر الكرخي القاضي في شرحه مختصر - رحمه الله - أن على قول الطحاوي فيها حكومة العدل . أبي يوسف
وجه قول أنه فوت السن ، والنابت لا يكون عوضا عن الفائت ; لأن هذا العوض من الله تبارك وتعالى فلا يسقط به الضمان الواجب كمن أتلف مال إنسان ثم إن الله تبارك وتعالى رزق المتلف عليه مثل المتلف أبي يوسف - رحمه الله - أن السن يستأنى بها فلولا أن الحكم يختلف بالنبات لم يكن للاستيناء فيه معنى لأنه لما نبتت فقد عادت المنفعة والجمال ، وقامت الثانية مقام الأولى كأن الأولى قائمة كسن الصبي هذا إذا نبتت بنفسها فأما إذا ردها صاحبها إلى مكانها فاشتدت ونبت عليها اللحم فعلى القالع الأرش بكماله ; لأن المعادة لا ينتفع بها لانقطاع العروق بل يبطل بأدنى شيء فكانت إعادتها والعدم بمنزلة واحدة ، ولهذا جعلها ولأبي حنيفة في حكم الميتة حتى قال إن كانت أكثر من قدر الدرهم لم تجز الصلاة معها ، محمد - رحمه الله - فرق بين سن نفسه وسن غيره فأجاز الصلاة في سن نفسه دون سن غيره ، وعلى هذا إذا وأبو يوسف إنه لا يسقط عنه الأرش لأنها لا تعود إلى ما كانت عليه فلا يعود الجمال هذا إذا نبتت مكانها أخرى صحيحة فأما إذا نبتت معوجة ففيها حكومة العدل بالإجماع ، وإن نبتت متغيرة بأن نبتت سوداء أو حمراء أو خضراء أو صفراء فحكمها حكم ما لو كانت قائمة فتغيرت بالضربة لأن النابت قام مقام [ ص: 316 ] الذاهب فكأن الأولى قائمة وتغيرت ، وقد بينا حكم ذلك . قطع أذنه فخاطها فالتحمت