( ومنها : ) ; لأن اليمين وظيفة المنكر قال عليه الصلاة والسلام { إنكار المدعى [ ص: 289 ] عليه } جعل جنس اليمين على المنكر فينفي وجوبها على غير المنكر . واليمين على من أنكر
( ومنها ) : ; لأن اليمين حق المدعي ، وحق الإنسان يوفى عند طلبه كما في سائر الأيمان ; ولهذا كان الاختيار في حال القسامة إلى أولياء القتيل ; لأن الأيمان حقهم فلهم أن يختاروا من يتهمونه ويستحلفون صالحي العشيرة الذين يعلمون أنهم لا يحلفون كذبا ، ولو طولب من عليه القسامة بها فنكل عن اليمين حبس حتى يحلف أو يقر ; لأن اليمين في باب القسامة حق مقصود بنفسه لا أنه وسيلة إلى المقصود ، وهو الدية بدليل أنه يجمع بينه وبين الدية ; ولهذا قال المطالبة بالقسامة الحارث بن الأزمع لسيدنا رضي الله عنه : أنبذل أيماننا وأموالنا ؟ فقال : نعم وروي أن عمر الحارث قال : أما تجزي هذه عن هذه ؟ فقال : لا . وروي أنه قال : فبم يبطل دم صاحبكم ؟ فإذا كانت مقصودة بنفسها فمن امتنع عن أداء حق مقصود بنفسه ، وهو قادر على الأداء يجبر عليه بالحبس ، كمن امتنع عن قضاء دين عليه مع القدرة على القضاء بخلاف اليمين في سائر الحقوق فإنها ليست مقصودة بنفسها بل هي وسيلة إلى المقصود ، وهو المال المدعى .
ألا ترى أنه لا يجمع بينهما ؟ بل إذا حلف المدعى عليه برئ ، أو لا ترى أنه إذا لم يحلف المدعى عليه ولم يقر وبذل المال لا يلزمه شيء ؟ وههنا لو لم يحلفوا ، ولم يقروا ، وبذلوا الدية لا تسقط عنهم القسامة فدل أنها مقصودة بنفسها فيجبرون عليها بالحبس ، { وروي عن } أنهم لا يحبسون ، والدية على العاقلة ذكره أبي يوسف القاضي في شرحه مختصر - رحمه الله - وذكر فيه أيضا أن الإمام إذا أيس عن الحلف وسأله الأولياء أن يغرمهم الدية يقضى عليهم بالدية ، والله - تعالى - أعلم . الطحاوي