ولو فهذا والأول سواء في قول قتل إنسانا خطأ فدفع القيمة إلى ولي القتيل ثم قتل آخر خطأ عليه الرحمة ، والأمر فيه على التفصيل الذي ذكرنا ، وعندهما لولي القتيل الثاني أن يضمن المولى ، وله أن يضمن ولي القتيل الأول سواء كان الدفع بقضاء أو بغير قضاء فهما فرقا بين الفصلين ، أبي حنيفة عليه الرحمة جمع بينهما . وأبو حنيفة
( وجه ) الفرق لهما أن المولى ههنا ليس بمتعد في حق ولي القتيل الثاني ; لأن الجناية الثانية كانت منعدمة وقت الدفع فلا سبيل إلى تضمينه ، وفي الفصل الأول كانت الجنايتان موجودتين وقت الدفع ، فكان الدفع منه إلى الأول تعديا فيضمن .
( وجه ) قول رحمه الله ما ذكرنا أن سبب وجوب الضمان على المولى هو المنع ، والمنع منع واحد في حق الأول والثاني جميعا ، فصار كأن الجنايات كلها موجودة وقت الدفع فيصير المولى متعديا في الدفع فكان له تضمينه بخلاف ما إذا كان الدفع بقضاء ; لأن قضاء القاضي صيره مجبورا في الدفع ، هذا إذا كانت قيمته وقت الجنايتين على السواء ، فأما إذا كانت مختلفة بأن قتل رجلا وقيمته ألف ثم ازدادت قيمته فصارت ألفين ثم قتل آخر يضمن المولى لولي القتيل الثاني ألفا آخر ، ولا حق لولي القتيل الأول في الزيادة ; لأنها لم تكن موجودة وقت الجناية على الأول فيسلم الزيادة إلى الثاني ، ويقسم تلك القيمة وهي الألف بين أولياء الأول ، والثاني يتضاربون فيها فيضرب الأول فيها بعشرة آلاف ، والثاني بتسعة آلاف ; لأنه قد وصل إليه ألف من عشرة آلاف فكانت قسمة تلك الألف على تسعة عشر سهما : عشرة أسهم للأول ، وتسعة أسهم للثاني ، ولو كانت قيمته وقت قتل الأول ألفين ، ووقت قتل الثاني ألفا لا يضمن المولى شيئا ، والألف تكون لولي القتيل الأول سالما ، والألف للآخر تقسم بينهما على تسعة عشر سهما : عشرة أسهم لولي القتيل الثاني ، وتسعة أسهم لولي القتيل الأول ، ولو قتل إنسانا [ ص: 268 ] وقيمته ألف ثم ازدادت قيمته ، وصارت ألفا وخمسمائة ثم قتل آخر فزيادة الخمسمائة سالمة لولي القتيل الثاني لا حق فيها لولي القتيل الأول ; لأنها لم تكن موجودة وقت الجناية الأولى ، والألف تكون بين ولي القتيلين يتضاربون فيها ، فيضرب ولي القتيل الأول بتمام الدية عشرة آلاف ، والثاني بتسعة آلاف وخمسمائة ; لأنه وصل إليه خمسمائة من عشرة آلاف فكانت قسمة الألف بينهما على تسعة وثلاثين سهما ; لأنا نجعل كل خمسمائة سهما ، تسعة عشر لولي القتيل الثاني ، وعشرون لولي القتيل الأول ، والله سبحانه ، وتعالى أعلم . أبي حنيفة