رد إلى مولاه ، ويقال له ادفعه بجنايته ، أو افده ; لأن الملك له ويرجع المولى على الغاصب بالأقل من قيمته ومن أرش الجناية ; لأن هذا الضمان إنما وجب بسبب كان في ضمانه ، ولو استهلك لرجل مالا يخاطب المولى بالبيع ، أو الفداء ، ويرجع على الغاصب بالأقل من قيمته ، ومما أداه عنه من الدين لما قلنا ولو قتل العبد المغصوب ، أو الجارية المغصوبة في يد الغاصب قتيلا ، أو جنى على حر ، أو عبد في نفس ، أو ما دونها جناية ضمن الغاصب قيمته بالغصب ، ولا يضمن قيمته بقتل نفسه ; لأن قتله نفسه هدر فصار كموته حتف أنفه ولو كان ولو قتل المغصوب نفسه في يد الغاصب ضمن قيمة الأم ولا يضمن قيمة الولد ; لأنه أمانة . المغصوب أمة فولدت ، ثم قتلت ولدها ، ثم ماتت
وكذلك إذا كبر المغصوب في يد الغاصب من الغلام والجارية بأن ضمن النقصان ; لأن الكبر يوجب فوات جزء ، أو صفة مرغوب فيها ، وكذلك إذا غصب عبدا شابا فشاخ في يد الغاصب ، أو جارية شابة فصارت [ ص: 156 ] عجوزا في يده ; لأن نهود الثديين صفة مرغوب فيها ، ألا يرى إلى قوله عز وجل : { غصب جارية ناهدا فانكسر ثديها في يد الغاصب وكواعب أترابا } وأما نبات اللحية للأمرد فليس بمضمون ; لأنه ليس بنقصان ، بل هو زيادة في الرجال ، ألا ترى أن حلق اللحية يوجب كمال الدية .
وكذلك لو يضمن ; لأن العلم بالقرآن والحرفة معنى مرغوب فيه . غصب عبدا قارئا فنسى القرآن العظيم ، أو محترفا فنسى الحرفة
وأما حبل الجارية المغصوبة بأن ، فإن كان المولى أحبلها في يد الغاصب لا شيء على الغاصب ; لأن النقصان حصل بفعل المولى ، فلا يضمنه الغاصب ، كما لو قتلها المولى في يد الغاصب ، وكذلك لو غصب جارية فحبلت في يده ; لأن الوطء من الزوج حصل بتسليط المولى فصار كأنه حصل منه ، أو حدث في يده ، وإن حبلت في يد الغاصب من زوج كان لها في يد المولى أخذها المولى وضمنه نقصان الحبل ، والكلام في قدر الضمان قال حبلت في يد الغاصب من زنا رحمه الله : ينظر إلى ما نقصها الحبل وإلى أرش عيب الزنا فيضمن الأكثر ويدخل الأقل فيه ، وهذا استحسان والقياس أن يضمن الأمرين جميعا ، وروي عن أبو يوسف رحمه الله أنه أخذ بالقياس . محمد
( وجه ) القياس أن الحبل والزنا كل واحد منهما عيب على حدة ، فكان النقصان الحاصل بكل واحد منهما نقصانا على حدة ، فيفرد بضمان على حدة .
( وجه ) الاستحسان أن الجمع بين الضمانين غير ممكن ; لأن نقصان الحبل إنما حصل بسبب الزنا ، فلم يكن نقصانا بسبب على حدة ، حتى يفرد بحكم على حدة ، فلا بد من إيجاب أحدهما فأوجبنا الأكثر ; لأن الأقل يدخل في الأكثر ، ولا يتصور دخول الأكثر في الأقل ، فإن ردها الغاصب حاملا فماتت في يد المولى من الولادة فبقي ولدها ضمن الغاصب جميع قيمتها عند رضي الله عنه وعندهما لا يضمن إلا نقصان الحبل خاصة . أبي حنيفة
( وجه ) قولهما أن الرد وقع صحيحا من الغاصب في القدر المردود وهو ما وراء الفائت بالحبل ، والهلاك بعد الرد حصل في يد المالك بسبب وجد في يده وهو الولادة ، فلا يكون مضمونا على الغاصب ، كما لو ماتت بسبب آخر ، وكما لو أنه لا يرجع المشتري على البائع بشيء كذا هذا وجه قول باع جارية حبلى فولدت عند المشتري ، ثم ماتت من نفاسها رحمه الله أن الموت حصل بسبب كان في ضمان الغاصب وهو الحبل أو الزنا ; لأن ذلك أفضى إلى الولادة ، والولادة أفضت إلى الموت ، فكان الموت مضافا إلى السبب السابق ، وإذا حصل الهلاك بذلك السبب تبين أن الرد لم يصح لانعدام شرط صحته ، وهو أن يكون الرد مثل الأخذ من جميع الوجوه ، فصار كأنها أبي حنيفة ، ولو كان كذلك يضمن الغاصب جميع قيمتها كذا هذا بخلاف مسألة البيع ; لأن الواجب هناك هو التسليم ابتداء لا الرد ، وقد وجد التسليم فخرج عن العهدة . ولدت في يد الغاصب فماتت من الولادة
وبخلاف أنه لا يضمن ; لأنها غير مضمونة بالأخذ ليلزمه الرد على وجه الأخذ بخلاف الأمة . الحرة إذا زنا بها مكرهة فماتت من الولادة