وأما فالكلام فيه في موضعين : أحدهما : في بيان ما يكون مضمونا من النقصان ، وما لا يكون مضمونا منه والثاني : في بيان طريق معرفة النقصان أما الأول فنقول وبالله التوفيق : إذا الذي يتعلق بحال نقصان المغصوب ، والعارض لا يخلو إما أن يكون بغير السعر ، وإما أن يكون فوات جزء من المغصوب ، أو فوات صفة مرغوب فيها ، أو معنى مرغوب فيه ، فإن كان بغير السعر لم يكن مضمونا ; لأن المضمون نقصان المغصوب ، ونقصان السعر ليس بنقصان المغصوب ، بل لفتور يحدثه الله تعالى عز شأنه في قلوب العباد لا صنع للعبد فيه ، فلا يكون مضمونا . عرض في يد الغاصب ما يوجب نقصان قيمة المغصوب
وإن كان فوات جزء من المغصوب ، أو فوات صفة مرغوب فيها ، أو معنى مرغوب فيه ، فإن كان من غير أموال الربا يكون مضمونا إذا لم يكن للمغصوب منه فيه صنع ولا اختيار ; لأنه هلك بعض المغصوب صورة ومعنى ، أو معنى لا صورة وهلاك كل المغصوب مضمون بكل القيمة ، فهلاك بعضه يكون مضمونا بقدره لما ذكرنا أن ضمان الغصب ضمان جبر الفائت فيتقدر بقدر الفوات ، وعلى هذا يخرج ما إذا فالمغصوب لا يخلو إما أن يكون من غير أموال الربا ، وإما أن يكون من أموال الربا ، أو عرج ، أو شلل ، أو عمى ، أو عور ، أو صمم ، أو بكم ، أو حمى ، أو مرض آخر أنه يأخذه المولى ويضمنه النقصان لوجود فوات جزء من البدن ، أو فوات صفة مرغوب فيها ، ولو زال البياض من عينه في يد المولى ، أو أقلع الحمى رد على الغاصب ما أخذه منه بسبب النقصان ; لأنه تبين أن ذلك النقصان لم يكن موجبا للضمان لانعدام شرط الوجوب وهو العجز عن الانتفاع على طريق الدوام . سقط عضو من المغصوب في يد الغاصب بآفة سماوية ، أو لحقه زمانة
وكذلك لو إذا لم يكن أبق قبل ذلك ، أو زنت الجارية المغصوبة ، أو سرقت إذا لم تكن زنت قبل ذلك ; لفوات معنى مرغوب فيه وهو الصيانة عن هذه القاذورات ; ولهذا كانت عيوبا موجبة للرد في باب البيع ، وجعل الآبق على المالك ، وهل يرجع به على الغاصب ؟ قال أبق المغصوب من يد الغاصب من عبد ، أو أمة رحمه الله : لا يرجع ، وقال أبو يوسف رحمه الله : يرجع . محمد
( وجه ) قوله أن الجعل من ضرورات رد المغصوب ; لأن رد المغصوب واجب على الغاصب ولا يمكنه الرد إلا بإعطاء الجعل ، فكان من ضرورات الرد فيكون عليه مؤنة الرد .
( وجه ) قول رحمه الله أن الجعل إنما يجب بحق المالك ، والملك للمغصوب منه ، فيكون الجعل عليه كمداواة الجراحة . أبي يوسف