وأما الحرية فليست بشرط لصحة الأمان ، فيصح بالإجماع ، وهل يصح أمان العبد المأذون في القتال ؟ اختلف فيه قال أمان العبد المحجور عن القتال - عليه الرحمة - أبو حنيفة - رحمه الله : لا يصح وقال وأبو يوسف - رحمه الله : يصح وهو قول محمد - رحمه الله . الشافعي
( وجه ) قوله ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { } والذمة العهد ، والأمان نوع عهد ، والعبد المسلم أدنى المسلمين ، فيتناوله الحديث ولأن حجر المولى يعمل في التصرفات ، الضارة دون النافعة ، بل هو في التصرفات النافعة غير محجور كقبول الهبة والصدقة ، ولا مضرة للمولى في أمان العبد بتعطيل منافعه عليه ; لأنه يتأدى في زمان قليل ، بل له ولسائر المسلمين فيه منفعة ، فلا يظهر انحجاره عنه ، فأشبه المأذون بالقتال . : المسلمون تتكافأ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم
( وجه ) قولهما أن الأصل في الأمان أن لا يجوز ; لأن القتال فرض والأمان يحرم القتال ، إلا إذا وقع في حال يكون بالمسلمين ضعف وبالكفرة قوة ، لوقوعه وسيلة إلى الاستعداد للقتال في هذه الحالة ، فيكون قتالا معنى إذ الوسيلة إلى الشيء حكمها حكم ذلك الشيء ، وهذه حالة لا تعرف إلا بالتأمل والنظر في حال المسلمين في قوتهم وضعفهم ، والعبد المحجور لاشتغاله بخدمة المولى لا يقف عليهما ، فكان أمانه تركا للقتال المفروض صورة ومعنى ، فلا يجوز ، فبهذا فارق المأذون ; لأن المأذون بالقتال يقف على هذه الحالة ، فيقع أمانه وسيلة إلى القتال ، فكان إقامة للفرض معنى فهو الفرق .
( وأما ) الحديث فلا يتناول المحجور ; لأن الأدنى إما أن يكون من الدناءة ، وهي الخساسة وإما أن يكون من الدنو ، وهو القرب والأول ليس بمراد ; لأن الحديث يتناول المسلمين بقوله عليه الصلاة والسلام { } ولا خساسة مع الإسلام والثاني لا يتناول المحجور ; لأنه لا يكون في صف القتال ، فلا يكون أقرب إلى الكفرة والله - سبحانه وتعالى - أعلم . : المسلمون تتكافأ دماؤهم