( وأما ) : فالمولى لا يصلح عدلا في رهن عبده المأذون ، حتى لو رهن العبد المأذون على أن يضع على يد مولاه ، لم يجز الرهن ، سواء كان على العبد دين أو لم يكن ، والعبد يصلح عدلا في رهن مولاه ، حتى لو رهن إنسان شيئا على أن يضع في يد عبده المأذون ، يصح الرهن ; لأن قبض الرهن قبض استيفاء الدين فيصير العدل وكيلا في استيفاء الدين ، والمولى لا يصلح وكيل الأجنبي في استيفاء الدين من عبده ; لأن الوكيل من يعمل لغيره ، واستيفاء الدين من عبده عمل لنفسه من وجه ; لما فيه من فراغ رقبة عبده عن شغل الدين ، والعبد يصلح وكيل الأجنبي في استيفاء الدين من مولاه ; لذلك افترقا . بيان من يصلح عدلا في الرهن ومن لا يصلح
وعن أن المولى يصلح عدلا في رهن مكاتبه ، والمكاتب يصلح عدلا في رهن مولاه ; لأن المكاتب حر يدا ، فكان كل واحد منهما أجنبيا عما في يد الآخر ، والمكفول عنه لا يصلح عدلا في رهن الكفيل ، وكذا الكفيل لا يصلح عدلا في رهن المكفول عنه ; لأن كل واحد منهما لا يصلح وكيلا في استيفاء الدين من صاحبه ; لأنه يعمل لنفسه ، أما المكفول عنه فبتفريغ ذمته عن الدين . أبي يوسف
( وأما ) الكفيل فبتخليص نفسه عن الكفالة بالدين ، وأحد شريكي المفاوضة لا يصلح عدلا في رهن صاحبه بدين التجارة ; ; لأن يد كل واحد منهما يد صاحبه ، فكان ما في يد كل واحد منهما كأنه في يد صاحبه ; فلم يتحقق خروج الرهن من يد الراهن ، وإنه شرط صحة الرهن ، وكذا أحد شريكي العنان في التجارة لا يصلح عدلا في رهن صاحبه بدين التجارة ; لما قلنا ، فإن كان من غير التجارة فهو جائز في الشريكين جميعا ; ; لأن كل واحد منهما أجنبي عن صاحبه في غير دين التجارة ، فلم تكن يده كيد صاحبه فوجد خروج الرهن من يد الراهن .
ورب المال لا يصلح عدلا في رهن المضارب ولا المضارب في رهن رب المال ، حتى لو رهن المضارب شيئا من مال المضاربة بدين في المضاربة ، على أن يضعه على يد رب المال ، أو رهن رب المال على أن يضعه على يد المضارب لا يجوز الرهن ; ; لأن يد المضارب يد لرب المال ، وعمل رب المال كعمل المضارب ; فلم يتحقق خروج الرهن من يد الراهن ; فلم يجز الرهن والأب لا يصلح عدلا في رهنه بثمن ما اشترى للصغير ، بأن اشترى الأب للصغير شيئا ، ورهن بثمن ما اشترى له على أن يضعه على يد نفسه فالشراء جائز والرهن باطل ; ; لأنه لما شرط على أن يضعه في يد نفسه ، فقد شرط على أن لا يخرج الرهن من يد الراهن ، وإنه شرط فاسد ; فيفسد الرهن ، وهل يصلح الراهن عدلا في الرهن ؟ فإن كان الرهن لم يقبض من يده بعد ، لا يصلح ، حتى لو شرط في عقد الرهن على أن يكون الرهن في يده ، فسد العقد ; ; لأن قبض المرتهن شرط صحة العقد ، ولا يتحقق القبض إلا بخروج الرهن من يد الراهن ، فكان شرط كونه في يده شرطا فاسدا فيفسد الرهن ، وإن كان قبضه المرتهن ثم وضعه على يده ، جاز بيعه ; ; لأن العقد قد صح بالقبض ، والبيع تصرف من الراهن [ ص: 151 ] في ملكه ، فكان الأصل فيه هو النفاذ ، والتوقف كان لحق المرتهن ، فإذا رضي به فقد زال المانع فينفذ .