( ومنها ) : أن يكون المرهون منفصلا متميزا عما ليس بمرهون ، فإن كان متصلا به غير متميز عنه ، لم يصح قبضه ; لأن قبض المرهون وحده غير ممكن ، والمتصل به غير مرهون ، فأشبه ، وعلى هذا الأصل يخرج ما إذا رهن الأرض بدون البناء أو بدون الزرع والشجر ، أو الزرع والشجر بدون الأرض ، أو الشجر بدون الثمر أو الثمر بدون الشجر أنه لا يجوز سواء سلم المرهون بتخلية الكل أو لا ; لأن المرهون متصل بما ليس بمرهون ، وهذا يمنع صحة القبض ولو وجد الثمر وحصد الزرع وسلم منفصلا ، جاز ; لأن المانع من النفاذ قد زال . رهن المشاع
ولو جمع بينهما في عقد الرهن فرهنهما جميعا وسلم متفرقا ، جاز ، وإن فرق الصفقة بأن رهن الزرع ثم الأرض أو الأرض ثم الزرع ، ينظر إن جمع بينهما في التسليم ، جاز الرهن فيهما جميعا ، وإن فرق ، لا يجوز فيهما جميعا سواء قدم أو أخر ، بخلاف الفصل الأول ; ; لأن المانع في الفصلين مختلف ، [ ص: 141 ] فالمانع من صحة القبض في هذا الفصل هو الاتصال ، وأنه لا يختلف ، والمانع من صحة القبض في الفصل الأول هو الشغل وأنه يختلف .
مثال هذا : أنه يجوز . إذا رهن نصف داره مشاعا من رجل ولم يسلم إليه حتى رهنه النصف الباقي وسلم الكل
ولو رهن النصف وسلم ثم رهن النصف الباقي وسلم ، لا يجوز كذا هذا ، وعلى هذا إذا رهن صوفا على ظهر غنم بدون الغنم ، أنه لا يجوز ; ; لأن المرهون متصل بما ليس بمرهون ، وهذا يمنع صحة القبض .
ولو جزه وسلمه ، جاز ; لأن المانع قد زال وعلى هذا أيضا إذا رهن دابة عليها حمل بدون الحمل ، لا يجوز .
ولو رفع الحمل عنها وسلمها فارغة ، جاز ; لما قلنا ، بخلاف ما إذا رهن ما في بطن جاريته أو ما في بطن غنمه أو ما في ضرعها ، أو رهن سمنا في لبن أو دهنا في سمسم أو زيتا في زيتون أو دقيقا في حنطة أنه يبطل ، وإن سلطه على قبضه عند الولادة أو عند استخراج ذلك فقبض ; لأن العقد هناك لم ينعقد أصلا ; لعدم المحل ; لكونه مضافا إلى المعدوم ; ولهذا لم ينعقد البيع المضاف إليها فكذا الرهن .
أما هنا فالعقد منعقد موقوف نفاذه على صحة التسليم بالفصل والتمييز ، فإذا وجد ، فقد زال المانع ولو رهن الشجر بمواضعه من الأرض ، جاز ; لأن قبضه ممكن .
ولو ، دخل في الرهن ، بخلاف البيع أنه لا يدخل الثمر في بيع الشجر من غير تسمية ; لأنه قصد تصحيح الرهن ، ولا صحة بدون القبض ولا صحة للقبض بدون دخول ما هو متصل به ، فيدخل تحت العقد تصحيحا له ، بخلاف البيع فإنه يصح في الشجر بدون الثمر ولا ضرورة إلى إدخال الثمر للتصحيح ولو قال : رهنتك هذه الدار أو هذه الأرض أو هذا الكرم ، وأطلق القول ولم يخص شيئا دخل فيه كل ما كان متصلا به من البناء والغرس ; لأن ذلك يدخل في البيع مع أن القبض ليس من شرط صحته فلأن يدخل في الرهن أولى ، إلا أنه يدخل فيه الزرع والثمر ولا يدخل في البيع ; لما ذكرنا ، بخلاف المتاع أنه لا يدخل في رهن الدار ، ويدخل الثمر في رهن الشجر ; ; لأن الثمر تابع للشجر والمتاع ليس بتابع للدار . رهن شجرا وفيه ثمر لم يسمه في الرهن
ينظر إلى الباقي إن كان الباقي بعد الاستحقاق مما يجوز رهنه ابتداء ، لا يفسد الرهن فيه ، وإن كان مما لا يجوز رهنه ابتداء ، فسد الرهن في الكل ; لأنه لما استحق بعضه تبين أن العقد لم يصح في القدر المستحق ، وأنه لم يقع إلا على الباقي فكأنه رهن هذا القدر ابتداء ، فينظر فيه إن كان محلا لابتداء الرهن ، يبقى الرهن فيه وإلا فيفسد في الكل ، كما لو رهن هذا القدر ابتداء ، إلا أنه إذا بقي الرهن فيه يبقى بحصته حتى لو هلك الباقي بحصته من الدين ، وإن كان في قيمته وفاء بجميع الدين ولا يذهب جميع الدين ، وإذا رهن الباقي ابتداء وفيه وفاء بالدين فهلك ، يهلك بجميع الدين ، وإن شئت أن تجعل الحيازة شرطا مفردا وخرجت المشاع على هذا الأصل ; لأنه مرهون متصل بما ليس بمرهون حقيقة ، فكان تخريجه عليه مستقيما فافهم . ولو استحق بعض المرهون بعد صحة الرهن