ويجوز وإن لم يكن في المضاربة ربح في قول أصحابنا الثلاثة ، وقال شراء رب المال من المضاربة ، وشراء المضارب من رب المال ، - رحمه الله : لا يجوز الشراء بينهما في مال المضاربة . زفر
( وجه ) قول أن هذا بيع ماله بماله ، وشراء ماله بماله إذ المالان جميعا لرب المال ، وهذا لا يجوز كالوكيل مع الموكل . زفر
( ولنا ) أن لرب المال في مال المضاربة ملك رقبة لا ملك تصرف ، وملكه في حق التصرف كملك الأجنبي ، وللمضارب فيه ملك التصرف لا الرقبة ، فكان في حق ملك الرقبة كملك الأجنبي حتى لا يملك رب المال منعه عن التصرف ، فكان مال المضاربة في حق كل واحد منهما كمال الأجنبي ، لذلك جاز الشراء بينهما فله أن يأخذ بالشفعة ; لأن المشتري وإن كان له في الحقيقة لكنه في الحكم كأنه ليس له ، بدليل أنه لا يملك انتزاعه من يد المضارب ، ولهذا جاز شراؤه من المضارب . ولو اشترى المضارب دارا ، ورب المال شفيعها بدار أخرى بجنبها ،
فلا شفعة له ، سواء كان في الدار المبيعة ربح وقت البيع ، أو لم يكن أما إذا لم يكن فيها ربح فلأن المضارب وكيله بالبيع ، والوكيل ببيع الدار إذا باع لا يكون للموكل الأخذ بالشفعة وإن كان فيها ربح فأما حصة رب المال فكذلك هو وكيل بيعها . ولو باع المضارب دارا من المضاربة ، ورب المال شفيعها
وأما حصة المضارب فلأنا لو أوجبنا فيها الشفعة ، لتفرقت الصفقة على المشتري ، ولأن الربح تابع لرأس المال ، فإذا لم تجب الشفعة في المتبوع ، لا تجب في التابع .
فإن كان في يده من مال المضاربة وفاء بثمن الدار ، لم تجب الشفعة ; لأنه لو أخذ بالشفعة لوقع لرب المال والشفعة لا تجب لبائع الدار ، وإن لم يكن في يده وفاء فإن لم يكن في الدار ربح ، فلا شفعة ; لأنه أخذها لرب المال وإن كان فيه ربح ، فللمضارب أن يأخذها لنفسه بالشفعة ; لأن له نصيبا في ذلك ، فجاز أن يأخذها لنفسه ولو أن أجنبيا اشترى دارا إلى جانب دار المضاربة ، فإن كان في يد المضارب وفاء بالثمن ، فله أن يأخذها بالشفعة للمضاربة ، وإن سلم الشفعة بطلت ، وليس لرب المال أن يأخذها لنفسه ; لأن الشفعة وجبت للمضاربة وملك التصرف في المضاربة للمضارب ، فإذا سلم جاز بتسليمه على نفسه وعلى رب المال وإن لم يكن في يده وفاء . ولو باع رب المال دارا لنفسه ، والمضارب شفيعها بدار أخرى من المضاربة ،
فإن كان في الدار ربح فالشفعة للمضارب ولرب المال جميعا ، فإن سلم أحدهما فللآخر أن يأخذها جميعا لنفسه بالشفعة ، كدار بين اثنين وجبت الشفعة لهما وإن لم يكن في الدار ربح فالشفعة لرب المال خاصة ; لأنه لا نصيب للمضارب فيه .