( فصل ) :
وأما فسبب وجوبه ترك الواجب الأصلي في الصلاة ، أو تغييره أو تغيير فرض منها عن محله الأصلي ساهيا ; لأن كل ذلك يوجب نقصانا في الصلاة فيجب جبره بالسجود ، ويخرج على هذا الأصل مسائل ، وجملة الكلام فيه أن الذي وقع السهو عنه لا يخلو أما إن كان من الأفعال ، وأما إن كان من الأذكار ، إذ الصلاة أفعال وأذكار ، فإن كان من الأفعال بأن قعد في موضع القيام أو قام في موضع القعود سجد للسهو لوجود تغيير الفرض ، وهو تأخير القيام عن وقته ، أو تقديمه على وقته مع ترك الواجب ، وهو القعدة الأولى . بيان سبب الوجوب
وقد روي عن أن { المغيرة بن شعبة } وكذا إذا ركع في موضع السجود أو سجد في موضع الركوع أو ركع ركوعين أو سجد ثلاث سجدات لوجود تغيير الفرض عن محله أو تأخير الواجب ، وكذا إذا ترك سجدة من ركعة فتذكرها في آخر الصلاة سجدها وسجد للسهو ; لأنه أخرها عن محلها الأصلي ، وكذا إذا النبي صلى الله عليه وسلم قام من الثانية إلى الثالثة ساهيا فسبحوا به فلم يقعد ، فسبحوا به فلم يعد وسجد للسهو سجد للسهو لوجود تأخير الفرض عن وقته الأصلي وهو القعدة الأخيرة ، أو تأخير الواجب وهو السلام . قام إلى الخامسة قبل أن يقعد قدر التشهد أو بعد ما قعد وعاد
ولو صلى الله عليه وسلم ذكر في أمالي زاد على قراءة التشهد في القعدة الأولى وصلى على النبي عن الحسن بن زياد أن عليه سجود السهو ، وعندهما لا يجب . أبي حنيفة
( لهما ) أنه لو وجب عليه سجود السهو لوجب جبر النقصان ; لأنه شرع له ولا يعقل تمكن النقصان في الصلاة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لا يجب عليه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بل بتأخير الفرض وهو القيام ، إلا أن التأخير حصل بالصلاة فيجب عليه من حيث إنه تأخير لا من حيث إنه صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم . وأبو حنيفة
ولو فعليه أن يسجدها ويسجد للسهو ; لأنه أخر الواجب عن وقته ولو سلم مصلي الظهر على رأس الركعتين على ظن أنه قد أتمها ، ثم علم أنه صلى ركعتين ، وهو على مكانه - يتمها ويسجد للسهو أما الإتمام فلأنه سلام سهو فلا يخرجه عن الصلاة . تلا سجدة فنسي أن يسجد ثم تذكرها في آخر الصلاة
وأما وجوب السجدة فلتأخير الفرض وهو القيام إلى الشفع الثاني ، بخلاف ما إذا سلم على رأس الركعتين على ظن أنه مسافر أو مصلي الجمعة ، ثم علم أنه تفسد صلاته ; لأن هذا الظن نادر فكان سلامه سلام عمد ، وأنه قاطع للصلاة .
ولو ترك تعديل الأركان ، والقومة التي بين الركوع والسجود ، أو القعدة التي بين السجدتين ساهيا اختلف المشايخ فيه : على قول أبي حنيفة بناء على أن تعديل الأركان عندهما واجب أو سنة وقد بينا ذلك فيما تقدم . ومحمد
وعلى هذا إذا وهو على وجهين : إما إن شك في شيء من هذه الصلاة التي هو فيها فتفكر في ذلك ، وإما إن شك في صلاة قبل هذه الصلاة فتفكر في ذلك وهو في هذه ، وكل وجه على وجهين : أما إن طال تفكره بأن كان مقدار ما يمكنه أن يؤدي فيه ركنا من أركان الصلاة كالركوع والسجود ، أو لم يطل فإن لم يطل تفكره فلا سهو عليه ، سواء كان تفكره في غير هذه الصلاة أو في هذه الصلاة ; لأنه إذا لم يطل لم يوجد سبب الوجوب الأصلي وهو ترك الواجب أو تغيير فرض أو واجب عن وقته الأصلي ، ولأن الفكر القليل مما لا يمكن الاحتراز عنه فكان عفوا دفعا للحرج . شك في شيء من صلاته فتفكر في ذلك حتى استيقن ،
وإن طال تفكره فإن كان تفكره في غير هذه الصلاة فلا سهو عليه ، وإن كان في هذه الصلاة فكذلك في القياس ، وفي الاستحسان عليه السهو .
( وجه ) القياس أن الموجب للسهو يمكن النقصان في الصلاة ولم يوجد ; لأن الكلام فيما إذا تذكر أنه أداها ، فبقي مجرد الفكر وأنه لا يوجب السهو كالفكر القليل .
وكما لو لا سهو عليه وإن طال فكره كذا هذا . شك في صلاة أخرى وهو في هذه الصلاة ، ثم تذكر أنه أداها
وجه الاستحسان أن الفكر الطويل في هذه الصلاة [ ص: 165 ] مما يؤخر الأركان عن أوقاتها فيوجب تمكن النقصان في الصلاة ، فلا بد من جبره بسجدتي السهو ، بخلاف الفكر القصير ، وبخلاف ما إذا شك في صلاة أخرى وهو في هذه الصلاة ; لأن الموجب للسهو في هذه الصلاة سهو هذه الصلاة لا سهو صلاة أخرى .
ولو شك في سجود السهو يتحرى ولا يسجد لهذا السهو ; لأن تكرار سجود السهو في صلاة واحدة غير مشروع على ما نذكر ، ولأنه لو سجد لا يسلم عن السهو فيه ثانيا وثالثا فيؤدي إلى ما لا يتناهى .
( وحكي ) أن قال محمد بن الحسن وكان للكسائي ابن خالته : لم لا تشتغل بالفقه مع هذا الخاطر ؟ فقال : من أحكم علما فذاك يهديه إلى سائر العلوم فقال الكسائي : أنا ألقي عليك شيئا من مسائل الفقه فخرج جوابه من النحو فقال : هات قال : فما تقول فيمن محمد ثم قال : لا سهو عليه فقال من أي باب من النحو خرجت هذا الجواب ؟ فقال : من باب أنه لا يصغر المصغر فتحير من فطنته . سها في سجود السهو ؟ فتفكر ساعة
ولو فلا سهو عليه ; لأن تعيين النية شرط افتتاح الصلاة لا شرط بقائها كأصل النية ، فلم يوجد تغيير فرض ولا ترك واجب ، فإن تفكر في ذلك تفكرا شغله عن ركن فعليه سجود السهو استحسانا على ما مر . شرع في الظهر ثم توهم أنه في العصر ، فصلى على ذلك الوهم ركعة أو ركعتين ، ثم تذكر أنه في الظهر -
ولو ثم علم أنه كان كبر - فعليه سجود السهو ; لأنه بزيادة التكبير والقراءة أخر ركنا وهو الركوع ، ثم لا فرق بين ما إذا شك في خلال صلاته فتفكر حتى استيقن ، وبين ما إذا افتتح الصلاة فقرأ ، ثم شك في تكبيرة الافتتاح فأعاد التكبير والقراءة ، في حق وجوب السجدة ; لأنه أخر الواجب وهو السلام . شك في آخر صلاته بعد ما قعد قدر التشهد الأخير ثم استيقن
ولو لا سهو عليه ; لأنه بالتسليمة الأولى خرج عن الصلاة وانعدمت الصلاة فلا يتصور تنقيصها بتفويت واجب منها ، فاستحال إيجاب الجابر . شك بعد ما سلم تسليمة واحدة ثم استيقن
وكذا لا فرق بينه وبين ما إذا سبقه الحدث في الصلاة فعاد إلى الوضوء ، ثم شك قبل أن يعود إلى الصلاة فتفكر ثم استيقن حتى يجب عليه سجود السهو في الحالين جميعا إذا طال تفكره ; لأنه في حرمة الصلاة وإن كان غير مؤد لها .
والله أعلم هذا الذي ذكرنا حكم الشك في الصلاة فيما يرجع إلى سجود السهو .
وأما فنقول : إذا حكم الشك في الصلاة فيما يرجع إلى البناء والاستقبال فإن كان ذلك أول ما سها استقبل الصلاة - ومعنى قوله : ما سها أن السهو لم يصر عادة له لا أنه لم يسه في عمره قط - وعند سها في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا يبني على الأقل ، ( احتج ) بما روى الشافعي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أبو سعيد الخدري } ، أمر بالبناء على الأقل من غير فصل ; ولأن فيما قلنا أخذا باليقين من غير إبطال العمل فكان أولى . إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا ؟ - فليلغ الشك وليبن على الأقل
( ولنا ) ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { عبد الله بن مسعود } أمر بالاستقبال ، وكذا روي عن إذا شك أحدكم في صلاته أنه كم صلى ؟ فليستقبل الصلاة ، عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أنهم قالوا هكذا . وعبد الله بن عمرو بن العاص
وروي عنهم بألفاظ مختلفة ; ولأنه لو استقبل أدى الفرض بيقين كاملا ، ولو بنى على الأقل ما أداه كاملا ; لأنه ربما يؤدي زيادة على المفروض ، وإدخال الزيادة في الصلاة نقصان فيها ، وربما يؤدي إلى إفساد الصلاة بأن كان أدى أربعا وظن أنه أدى ثلاثا فبنى على الأقل وأضاف إليها أخرى قبل أن يقعد ، وبه تبين أن الاستقبال ليس إبطالا للصلاة ; لأن الإفساد ليؤدي أكمل لا يعد إفسادا ، والإكمال لا يحصل إلا بالاستقبال على ما مر ، والحديث محمول على ما إذا وقع ذلك له مرارا ولم يقع تحريه على شيء ، بدليل ما روينا هذا إذا كان ذلك أول ما سها ، فإن كان يعرض له ذلك كثيرا تحرى وبنى على ما وقع عليه التحري في ظاهر الروايات ، وروى الحسن عن أنه يبني على الأقل ، وهو قول أبي حنيفة لما روينا في المسألة الأولى من غير فصل ، ولأن المصير إلى التحري للضرورة ولا ضرورة ههنا ; لأنه يمكنه إدراك اليقين بدونه بأن يبني على الأقل فلا حاجة إلى التحري . الشافعي
( ولنا ) ما روي عن رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { عبد الله بن مسعود } ولأنه تعذر عليه الوصول إلى ما اشتبه عليه بدليل من الدلائل ، والتحري عند انعدام الأدلة مشروع كما في أمر القبلة ، ولا وجه للاستقبال ; لأنه عسى أن يقع ثانيا وكذا الثالث والرابع إلى ما لا يتناهى ، ولا وجه للبناء على الأقل ; [ ص: 166 ] لأن ذلك لا يوصله إلى ما عليه لما مر في المسألة المتقدمة ، وما رواه إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا ؟ - فليتحر أقربه إلى الصواب ، وليبن عليه ، محمول على ما إذا تحرى ولم يقع تحريه على شيء ، وعندنا إذا تحرى ولم يقع تحريه على شيء يبني على الأقل ، وكيفية البناء على الأقل أنه إذا وقع الشك في الركعة والركعتين يجعلها ركعة واحدة ، وإن وقع الشك في الركعتين أو الثلاث جعلها ركعتين ، وإن وقع في الثلاث والأربع جعلها ثلاثا وأتم صلاته على ذلك ، وعليه أن يتشهد لا محالة في كل موضع يتوهم أنه آخر الصلاة ; لأن القعدة الأخيرة فرض ، والاشتغال بالنفل قبل إكمال الفرض مفسد له فلذلك يقعد . الشافعي
وأما ذكر الشك في أركان الحج أن ذلك إن كان يكثر يتحرى أيضا كما في باب الصلاة ، وفي ظاهر الرواية يؤخذ باليقين . الجصاص
( والفرق ) أن الزيادة في باب الحج وتكرار الركن لا يفسد الحج ، فأمكن الأخذ باليقين فأما الزيادة في باب الصلاة إذا كانت ركعة فإنها تفسد الصلاة إذا وجدت قبل القعدة الأخيرة ، فكان العمل بالتحري أحوط من البناء على الأقل .
وأما الأذكار فالأذكار التي يتعلق سجود السهو بها أربعة : القراءة ، والقنوت ، والتشهد ، وتكبيرات العيدين .
( أما ) القراءة فإذا قرأ في الأخريين وسجد للسهو ; لأن القراءة في الأوليين على التعيين غير واجبة عند بعض مشايخنا ، وإنما الفرض في ركعتين منها غير عين ، وترك الواجب ساهيا يوجب السهو ، وعند بعضهم هي فرض في الأوليين عينا وتكون القراءة في الأخريين عند تركها في الأوليين قضاء ، فإذا تركها في الأوليين أو في إحداهما فقد غير الفرض عن محل أدائه سهوا فيلزمه سجود السهو . ترك القراءة في الأوليين
ولو سها عن الفاتحة فيهما أو في إحداهما ، أو عن السورة فيهما أو في إحداهما - فعليه السهو ; لأن قراءة الفاتحة على التعيين في الأوليين واجبة عندنا ، وعند رحمه الله تعالى فرض على ما بينا فيما تقدم ، وكذا قراءة السورة على التعيين ، أو قراءة مقدار سورة قصيرة وهي ثلاث آيات واجبة ، فيتعلق السجود بالسهو عنهما . الشافعي
ولو غير صفة القراءة سهوا بأن جهر فيما يخافت أو خافت فيما يجهر - فهذا على وجهين : أما إن كان إماما أو منفردا فإن كان إماما سجد للسهو عندنا ، وعند لا سهو عليه ، وجه قوله أن الجهر والمخافتة من هيئة الركن ، وهو القراءة فيكون سنة كهيئة كل ركن ، نحو الأخذ بالركب وهيئة القعدة . الشافعي
( ولنا ) أن الجهر فيما يجهر والمخافتة فيما يخافت واجبة على الإمام لما بينا فيما تقدم ، ثم اختلفت الروايات عن أصحابنا في ، ذكر في نوادر مقدار ما يتعلق به سجود السهو من الجهر والمخافتة أبي سليمان وفصل بين الجهر والمخافتة في المقدار فقال : إن جهر فيما يخافت فعليه السهو قل ذلك أو كثر ، وإن خافت فيما يجهر فإن كان في أكثر الفاتحة ، أو في ثلاث آيات من غير الفاتحة - فعليه السهو ، وإلا فلا ، وروى عن ابن سماعة التسوية بين الفصلين أنه إن تمكن التغيير في ثلاث آيات أو أكثر فعليه سجود السهو ، وإلا فلا وروى محمد الحسن عن إن تمكن التغيير في آية واحدة فعليه السجود ، وروي عن أبي حنيفة أنه إذا جهر بحرف يسجد . أبي يوسف
( وجه ) رواية أبي سليمان أن المخافتة فيما يخافت ألزم من الجهر فيما يجهر ، ألا ترى أن المنفرد يتخير بين الجهر والمخافتة ؟ ولا خيار له فيما يخافت فإذا جهر فيما يخافت فقد تمكن النقصان في الصلاة بنفس الجهر فيجب جبره بالسجود فأما بنفس المخافتة فيما يجهر فلا يتمكن النقصان ما لم يكن مقدار ثلاث آيات أو أكثر .
( وجه ) رواية ما روي عن ابن سماعة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمعنا الآية والآيتين أحيانا في الظهر والعصر ، وهذا جهر فيما يخافت ، فإذا ثبت فيه ثبت في المخافتة فيما يجهر ; لأنهما يستويان ، ثم لما ورد الحديث مقدرا بآية أو آيتين ولم يرد بأزيد من ذلك كانت الزيادة تركا للواجب فيوجب السهو . أبي قتادة
( وجه ) رواية الحسن بناء على أن فرض القراءة عند يتأدى بآية واحدة وإن كانت قصيرة ، فإذا غير صفة القراءة في هذا القدر تعلق به السهو ، وعندهما لا يتأدى فرض القراءة إلا بآية طويلة أو ثلاث آيات قصار ، فما لم يتمكن التغيير في هذا المقدار لا يجب السهو ، هذا إذا كان إماما فأما إذا كان منفردا فلا سهو عليه ، أما إذا خافت فيما يجهر فلا شك فيه ; لأنه مخير بين الجهر والمخافتة ، لما ذكرنا فيما تقدم أن الجهر على الإمام إنما وجب تحصيلا لثمرة القراءة في حق المقتدي ، وهذا المعنى لا يوجد في حق المنفرد فلم يجب الجهر فلا يتمكن النقص في الصلاة بتركه ، وكذا إذا جهر فيما يخافت ; لأن المخافتة في الأصل إنما وجبت صيانة للقراءة عن المغالبة واللغو فيها ; [ ص: 167 ] لأن صيانة القراءة عن ذلك واجبة وذلك في الصلاة المؤداة على طريق الاشتهار وهي الصلاة بجماعة فأما صلاة المنفرد فما كان يوجد فيها المغالبة فلم تكن الصيانة بالمخافتة واجبة ، فلم يترك الواجب فلا يلزمه سجود السهو . أبي حنيفة
ولو أراد أن يقرأ سورة فأخطأ وقرأ غيرها لا سهو عليه لانعدام سبب الوجوب ، وهو تغيير فرض أو واجب أو تركه إذ لا توقيت في القراءة .
وروي عن أنه قال فيمن قرأ الحمد مرتين في الأوليين فعليه السهو ; لأنه أخر السورة بتكرار الفاتحة . محمد
ولو قرأ الحمد ثم السورة ثم الحمد - لا سهو عليه ، وصار كأنه قرأ سورة طويلة .
ولو تشهد مرتين لا سهو عليه ، ولو لا سهو عليه ; لأنه ثناء وهذه الأركان مواضع الثناء . قرأ القرآن في ركوعه أو في سجوده أو في قيامه
( وأما ) يوجب سجود السهو ; لأنه واجب لما نذكر في موضعه - إن شاء الله تعالى - . القنوت فتركه سهوا
وكذلك تكبيرات العيدين إذا تركها أو نقص منها ; لأنها واجبة ، وكذا إذا زاد عليها أو أتى بها في غير موضعها ; لأنه يحصل تغيير فرض أو واجب .
وكذلك في القعدة الأخيرة ثم تذكرها قبل السلام أو بعد ما سلم ساهيا - قرأها وسلم وسجد للسهو ، لأنها واجبة . قراءة التشهد إذا سها عنها
وأما فكذلك استحسانا ، والقياس في هذا وقنوت الوتر وتكبيرات العيدين سواء ، ولا سهو عليه ; لأن هذه الأذكار سنة ، ولا يتمكن بتركها كبير نقصان في الصلاة ، فلا يوجب السهو كما إذا في القعدة الأولى . ترك الثناء والتعوذ
( وجه ) الاستحسان أن هذه الأذكار واجبة ، أما وجوب القنوت وتكبيرات العيدين فلما يذكر في موضعه .
وأما وجوب التشهد في القعدة الأولى فلمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على قراءته ، ومواظبة الصحابة رضي الله عنهم .
وأما فيها عند عامة العلماء ، وقال سائر الأذكار من الثناء والتعوذ وتكبيرات الركوع والسجود وتسبيحاتهما فلا سهو : إذا سها عن ثلاث تكبيرات فعليه السهو قياسا على تكبيرات العيدين ، وهذا القياس عندنا غير سديد ; لأن تكبيرات العيد واجبة - لما يذكر - فجاز أن يتعلق بها السهو ، بخلاف تكبيرات الركوع والسجود فإنها من السنن ، ونقصان السنة لا يجبر بسجود السهو ; لأن سجود السهو واجب ولا يجب جبر الشيء بما هو فوق الفائت ، بخلاف الواجب ; لأن الشيء ينجبر بمثله ولهذا لا يتعلق السهو بترك الواجب عمدا ; لأن النقص المتمكن بترك الواجب عمدا فوق النقص المتمكن بتركه سهوا ، والشرع لما جعل السجود جابرا لما فات سهوا كان مثلا للفائت سهوا ، وإذا كان مثلا للفائت سهوا كان دون ما فات عمدا ، والشيء لا ينجبر بما هو دونه ، ولهذا لا ينجبر به النقص المتمكن بفوات الفرض . مالك
ولو فلا سهو عليه ; لأن الترتيب في السلام من باب السنن فلا يتعلق به سجود السهو . سلم عن يساره قبل سلامه عن يمينه
ولو نسي التكبير في أيام التشريق لا سهو عليه ; لأنه لم يترك واجبا من واجبات الصلاة .
ولو لا يجب عليه إلا سجدتان ، وعند بعضهم يلزمه لكل سهو سجدتان لقوله صلى الله عليه وسلم : { سها في صلاته مرارا } ولأن كل سهو أوجب نقصانا فيستدعي جابرا . لكل سهو سجدتان بعد السلام ،
( ولنا ) ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك القعدة الأولى وسجد لها سجدتين ، وكأن سها عن القعدة وعن التشهد حيث تركهما ، وعن القيام حيث أتى به في غير محله ، ثم لم يزد على سجدتين فعلم أن السجدتين كافيتان ، ولأن سجود السهو إنما أخر عن محل النقصان إلى آخر الصلاة لئلا يحتاج إلى تكراره لو وقع السهو بعد ذلك ، وإلا لم يكن للتأخير معنى ، والحديث محمول على جنس السهو الموجود في صلاة واحدة لا أنه عين السهو بدليل ما ذكرنا . سجدتان تجزيان لكل زيادة ونقصان ،