فأما إذا فإن كان خطأ فالأرش له وأرشه أرش العبد . جنى غيره عليه
أما كون الأرش له فلأن أجزاءه ملحقة بالمنافع وهو أحق بمنافعه .
وأما كون أرشه أرش العبد فلأنه عبد ما بقي عليه درهم بالحديث فكانت الجناية عليه جناية على العبد فكان أرشها أرش العبيد ، وإن كان عمدا فالمسألة على ثلاثة أوجه : في وجه يجب القصاص في قولهم ، وفي وجه لا يجب القصاص ، وفي وجه اختلفوا فيه .
أما الأول فهو أن يقتله رجل عمدا ولم يترك وفاء فللمولى أن يقتل القاتل ; لأنه لم يترك وفاء فقد مات عاجزا فمات عبدا والعبد إذا قتل عمدا يجب القصاص على قاتله إن كان عبدا بالإجماع ، وإن كان حرا عندنا كذلك ههنا .
وأما الوجه الثاني فهو أن يقتل عمدا ويترك وفاء ويترك ورثة أحرارا سوى المولى فلا يجب القصاص لاشتباه ولي القصاص لاختلاف الصحابة رضي الله عنهم في أنه يموت حرا أو عبدا على ما نذكر إن شاء الله تعالى فمن قال : مات حرا قال : ولاية الاستيفاء للورثة ، ومن قال : مات عبدا قال : الولاية للمولى .
فاشتبه المولى فلم يجب القصاص ، فإن قيل قياس هذه النكتة أنه إذا اجتمع المولى والورثة ينبغي أن يجب القصاص لارتفاع الاشتباه عند الاجتماع كالعبد الموصى برقبته لإنسان وبخدمته لآخر إذا قتل ، أن لهما أن يجتمعا فيقتلا ، وكذا العبد المرهون إذا قتل فاجتمع الراهن والمرتهن على القصاص أن لهما أن يستوفياه كذلك ههنا ، فالجواب أن المانع هو اشتباه المولى وهذا الاشتباه لا يزول بالاجتماع ; لأن الولاية لأحدهما وهو المولى أو الوارث وهذا النوع من الاشتباه لا يزول باجتماعهما ، بخلاف مسألة الوصية ; لأن هناك لا اشتباه .
فإن الولاية لصاحب الرقبة ; لأن الملك له وإنما لصاحب الخدمة فيها حق ، فإذا اجتمعا في الاستيفاء فقد رضي بإسقاط حقه ، ويقول لصاحب الخدمة حقي قوي لشبهة الملك ، فصار بمنزلة عبد بين اثنين قتل فاجتمع الوليان على الاستيفاء ، وبخلاف مسألة الرهن فإن المستحق للقصاص هناك هو الراهن إذ الملك له إلا أن للمرتهن فيه حقا فإذا رضي بالاستبقاء فقد رضي بسقوط حقه ، وههنا بخلافه على ما بيناه .
وأما الوجه الثالث فهو أن يقتل عمدا أو يترك وفاء ولا وارث له سوى المولى .
فعلى قول أبي حنيفة يجب القصاص للمولى ; لأنه لا اشتباه ههنا لأن القصاص يكون للمولى كيفما كان سواء مات حرا أو عبدا ، وقال وأبي يوسف : لا يجب لأن المولى إن لم يشتبه فسبب ثبوت الولاية قد اشتبه ; لأنه إن مات حرا فالولاية تثبت بالإرث ، وإن مات عبدا فالولاية تثبت بالملك ، والجواب عن هذا من وجهين : أحدهما أن السبب لم يشتبه ; لأن المسبب واحد وهو الملك والولاء أثر من آثار الملك ، والثاني : إن سلمنا أن السبب قد اشتبه لكن لا اشتباه في الحكم وهو الولاية ; لأنها ثابتة بيقين فتثبت بأي سبب كان . محمد