( ومنها ) وجملة الكلام في الميتات أنها نوعان : أحدهما - الميتة التي لها دم سائل ، والثاني ما له دم سائل . ما ليس له دم سائل
( أما ) الذي ليس له دم سائل : فالذباب والعقرب والزنبور والسرطان ونحوها ، وأنه ليس بنجس عندنا ، وعند نجس ، إلا الذباب والزنبور فله فيهما قولان ، ( واحتج ) بقوله تعالى { الشافعي حرمت عليكم الميتة } والحرمة لا للاحترام - دليل النجاسة .
( ولنا ) ما روي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { موت كل حيوان ليس له نفس سائلة في الماء لا يفسده } وهذا نص في الباب ، وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أبو سعيد الخدري } وهو يقدم الداء على الدواء ، ولا شك أن [ ص: 63 ] الذباب مع ضعف بنيته إذا مقل في الطعام الحار يموت ، فلو أوجب التنجيس لكان الأمر بالمقل أمرا بإفساد المال وإضاعته ، مع نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال وأنه متناقض ، وحاشا أن يتناقض كلامه ، ولأنا لو حكمنا بنجاستها لوقع الناس في الحرج ; لأنه يتعذر صون الأواني عنها فأشبه إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه ، ثم انقلوه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء ، وبه تبين أن النص لم يتناول محل الضرورة والحرج ، مع ما أن السمك والجراد مخصوصان عن النص إذ هما ميتتان بنص النبي صلى الله عليه وسلم والمخصص انعدام الدم المسفوح ، والدم المسفوح ههنا منعدم . موت الدودة المتولدة عن الخل فيه