( أما ) ، عنه ولم يذكر حد البعد في ظاهر الرواية . العدم من حيث الصورة والمعنى فهو أن يكون الماء بعيدا
وروي عن أنه قدره بالميل ، وهو أن يكون ميلا فصاعدا ، فإن كان أقل من ميل لم يجز التيمم ، والميل ثلث فرسخ وقال محمد : من تلقاء نفسه إن كان الماء أمامه يعتبر ميلين ، وإن كان يمنة ، أو يسرة يعتبر ميلا واحدا وبعضهم فصل بين المقيم ، والمسافر ، فقالوا : إن كان مقيما يعتبر قدر ميل كيفما كان ، وإن كان مسافرا ، والماء على يمينه أو يساره فكذلك ، وإن كان أمامه يعتبر ميلين . الحسن بن زياد
وروي عن [ ص: 47 ] أنه إن كان الماء بحيث لو ذهب إليه لا تنقطع عنه جلبة العير ، ويحس أصواتهم ، أو أصوات الدواب فهو قريب ، وإن كان يغيب عنه ذلك فهو بعيد وقال بعضهم : إن كان بحيث يسمع أصوات أهل الماء فهو قريب ، وإن كان لا يسمع فهو بعيد ، وكذا ذكر أبي يوسف وقال بعضهم : قدر فرسخ . الكرخي
وقال بعضهم : مقدار ما لا يسمع الأذان وقال بعضهم : إذا خرج من المصر مقدار ما لا يسمع لو نودي من أقصى المصر فهو بعيد ، وأقرب الأقاويل اعتبار الميل ; لأن الجواز لدفع الحرج .
وإليه وقعت الإشارة في آية التيمم ، وهو قوله تعالى على أثر الآية ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج ولكن يريد ليطهركم ولا حرج فيما دون الميل فأما الميل فصاعدا ، فلا يخلو عن حرج ، وسواء خرج من المصر للسفر ، أو لأمر آخر .
وقال بعض الناس : " لا يتيمم إلا أن يكون قصد سفرا " وأنه ليس بسديد ، لأن ما له ثبت الجواز ، وهو دفع الحرج لا يفصل بين المسافر ، وغيره ، هذا إذا كان علم ببعد الماء بيقين ، أو بغلبة الرأي أو أكبر الظن ، أو أخبره بذلك رجل عدل .
وأما إذا علم أن الماء قريب منه إما قطعا أو ظاهرا ، أو أخبره عدل بذلك لا يجوز له التيمم ; لأن شرط جواز التيمم لم يوجد ، وهو عدم الماء ، ولكن يجب عليه الطلب .
هكذا روي عن أنه قال إذا كان الماء على ميل فصاعدا لم يلزمه طلبه ، وإن كان أقل من ميل أتيت الماء ، وإن طلعت الشمس . محمد
هكذا روى الحسن عن ولا يبلغ بالطلب ميلا ، وروي عن أبي حنيفة أنه يبلغ به ميلا ، فإن طلب أقل من ذلك لم يجز التيمم ، وإن خاف فوت الوقت ، ، وهو رواية عن محمد ، والأصح أنه يطلب قدر ما لا يضر بنفسه ، ورفقته بالانتظار ، وكذلك إذا كان بقرب من العمران يجب عليه الطلب ، حتى أبي حنيفة لم تجز صلاته لأن العمران لا يخلو عن الماء ظاهرا ، وغالبا ، والظاهر ملحق بالمتيقن ، وفي الأحكام ولو لو تيمم وصلى ثم ظهر الماء ، ثم سأله فإن لم يخبره بقرب الماء فصلاته ماضية ، وإن أخبره بقرب الماء توضأ ، وأعاد الصلاة ; لأنه تبين أن الماء بقرب منه ولو سأله لأخبره فلم يوجد الشرط ، وهو عدم الماء ، وإن سأله في الابتداء فلم يخبره ، حتى تيمم ، وصلى ثم أخبره بقرب الماء لا يجب عليه إعادة الصلاة ; لأن المتعنت لا قول له ، فإن لم يكن بحضرته أحد يخبره بقرب الماء ولا غلب على ظنه أيضا قرب الماء لا يجب عليه الطلب عندنا وقال كان بحضرته رجل يسأله عن قرب الماء فلم يسأله ، حتى تيمم وصلى : يجب عليه أن يطلب عن يمين الطريق ، ويساره قدر غلوة ، حتى لو تيمم ، وصلى قبل الطلب ، ثم ظهر أن الماء قريب منه فصلاته ماضية عندنا ، وعنده لم تجز ، واحتج بقوله تعالى { الشافعي فلم تجدوا ماء } وهذا يقتضي سابقية الطلب ، فكان الطلب شرطا ، وصار كما لو كان في العمران .
( ولنا ) أن الشرط عدم الماء وقد تحقق من حيث الظاهر ، إذ المفازة مكان عدم الماء غالبا بخلاف العمران .
وقوله : " الوجود يقتضي سابقية الطلب من الواجد " ممنوع ، ألا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم { } ولا طلب من الملتقط ; ولأن الطلب لا يفيد إذا لم يكن على طمع من وجود الماء ، والكلام فيه ، ، وربما ينقطع عن أصحابه فيلحقه الضرر ، فلا يجب عليه الطلب ولكن يستحب له ذلك من وجد لقطة فليعرفها ، فإن إذا كان على طمع من وجود الماء قال في الأمالي : سألت أبا يوسف عن المسافر لا يجد الماء أيطلب عن يمين الطريق ، ويساره ؟ قال : إن طمع في ذلك فليفعل ولا يبعد فيضر بأصحابه إن انتظروه أو بنفسه إن انقطع عنهم ، ثم ما ذكرنا من اعتبار البعد ، والقرب مذهب أبا حنيفة أصحابنا الثلاثة فأما على مذهب فلا عبرة للبعد ، والقرب في هذا الباب بل العبرة للوقت بقاء ، وخروجا ، فإن كان يصل إلى الماء قبل خروج الوقت لا يجزيه التيمم ، وإن كان الماء بعيدا ، وإن كان لا يصل إليه قبل خروج الوقت يجزئه التيمم ، وإن كان الماء قريبا ، والمسألة نذكرها بعد شاء الله تعالى . زفر