ومنها بأن ملك أحدهما صاحبه بعد النكاح أو ملك شقصا منه ; لأن الملك المقارن يمنع من انعقاد النكاح ، فالطارئ عليه يبطله ، والفرقة الواقعة به فرقة بغير طلاق ; لأنها فرقة حصلت بسبب لا من قبل الزوج ، فلا يمكن أن تجعل طلاقا ، فتجعل فسخا ، ولا يحتاج إلى تفريق القاضي ; لأنها فرقة حصلت بطريق التنافي لما بينا في المسائل المتقدمة أن الحقوق الثابتة بالنكاح لا يصح إثباتها بين المالك والمملوك ، فلا تفتقر إلى القضاء كالفرقة الحاصلة بردة أحد الزوجين ، وعلى هذا قالوا في الملك الطارئ لأحد الزوجين على صاحبه لم يبطل النكاح ; لأن الشراء لا يفيد لهما ملك المتعة ، فلا يوجب بطلان النكاح . القن ، والمدبر والمأذون إذا اشتريا زوجتيهما
وقالوا أيضا في لا يبطل نكاحها ; لأنه لا يملكها ، وإنما يثبت له فيها حق الملك ، وحق الملك يمنع ابتداء [ ص: 340 ] النكاح ، ولا يمنع البقاء كالعدة وهذا ; لأن حق الملك هو الملك من . المكاتب إذا اشترى زوجته
وجه ، فكان ملكه فيها ثابتا من وجه دون وجه ، فالنكاح إذا لم يكن منعقدا يقع الشك في انعقاده ، فلا ينعقد بالشك ، وإذا كان منعقدا يقع الشك في زواله ، فلا يزول بالشك على الأصل المعهود أن غير الثابت بيقين لا يثبت بالشك ، والثابت بيقين لا يزول بالشك لهذا المعنى منعت العدة من ابتداء النكاح ، ولم تمنع البقاء كذا هذا ، وقالوا فيمن زوج ابنته من مكاتبه ، ثم مات لا يبطل النكاح بينهما حتى يعجز عن أداء بدل الكتابة .
وقال : ينفسخ النكاح بناء على أن المكاتب لا يورث عندنا ، فلا يثبت الملك للوارث في المكاتب حقيقة ، وإنما يثبت له حق الملك ، وأنه لا يمنع بقاء النكاح ، وعنده يورث ، فيثبت الملك لها في زوجها ، فيبطل النكاح ( وجه ) قوله أن الوارث يقوم مقام المورث في أملاكه ، فيثبت له ما كان ثابتا للمورث ، وملكه في المكاتب كان ثابتا له ، فينتقل إلى الوارث ، فيصير مملوكا له ، فينفسخ النكاح . الشافعي
( ولنا ) أن الحاجة مست إلى إبقاء ملك الميت في المكاتب ; لأن عقد الكتابة أوجب له حق الحرية للحال على وجه يصير ذلك الحق حقيقة عند الأداء ، ولهذا يثبت الولاء من قبله ، فلو نقلنا الملك من الميت إلى الوارث لتعذر إثبات حقيقة الحرية عند الأداء لانعدام تعليق الحرية منه بالأداء ، فمست الحاجة إلى استيفاء ملك الميت فيه لأجل الحق المستحق للمكاتب ، فيمنع ثبوت الملك حقيقة للوارث ، ويثبت له حق الملك لوجود سبب الثبوت ، وهو القرابة ، وشرطه ، وهو الموت ، وحق الملك يمنع ابتداء النكاح ، ولا يمنع البقاء لما ذكرنا إلا إذا عجز عن أداء بدل الكتابة ; لأنه إذا عجز ثبت الملك حقيقة للوارث ، فيرتفع النكاح ، وأما معتق البعض إذا اشترى زوجته لا يبطل النكاح في قول ، وعندهما يبطل بناء على أن معتق البعض بمنزلة المكاتب عنده ، وعندهما حر عليه دين ، والله أعلم . أبي حنيفة