السؤال
هل تجوز قراءة القرآن الكريم في الصلاة جهرا بطريقة القراءة العادية بدون تجويد (كأنه يلقي خطبة)مع العلم بأن القارئ إمام مسجدمع الشكر الجزيل.
هل تجوز قراءة القرآن الكريم في الصلاة جهرا بطريقة القراءة العادية بدون تجويد (كأنه يلقي خطبة)مع العلم بأن القارئ إمام مسجدمع الشكر الجزيل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب العناية بقراءة القرآن، قال تعالى: (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً) [الإسراء: 106].
وقال تعالى: (ورتل القرآن ترتيلا) [المزمل: 4].
وقد ذهب المتقدمون من علماء القراءات والتجويد إلى أن الأخذ بجميع أصول التجويد واجب يأثم تاركه، سواء أكان متعلقاً بحفظ الحروف ـ مما يغير مبناها ويفسد معناها ـ أم كان متعلقاً بغير ذلك، مما أورده علماء القراءات في كتب التجويد كالإدغام والمدود والغنة، ونحو ذلك.
روى ابن الجزري رحمه الله في كتابه النشر عن نصر الشيرازي أنه قال: (حسن الأداء فرض في القراءة، ويجب على القارئ أن يتلو القرآن حق تلاوته) أ. هـ.
وقال: (ولا شك أن الأمة كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن وإقامة حدوده، كذلك هم متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القراءة، والمتصلة بالنبي صلى الله عليه وسلم).
ولا شك أن ذلك مطلوب، لا سيما على من قدر عليه، ولم يمنعه عن ذلك مانع من عُجْمةٍ أو عيب في لسانه.
قال محمد بن الجزري فى الجزرية :
والأخذ بالتجويد حتم لازم من لم يجود القرآن آثم
وقال أحمد بن محمد بن الجزري في شرح الطيبة ـ وهو ابن الناظم ـ: (وذلك واجب على من قدر عليه) أ.هـ.
وما كان من اللحن الجلي الذي يتعلق بمبنى الحرف ومعناه، فلا تجوز القراءة به، وأما اللحن الخفي فليس كل واحد يعرفه، أو يستطيع أن يقف عليه، ولذلك قال علي القارئ: (وينبغي أن تراعى جميع قواعدهم وجوباً فيما يتغير به المبنى ويفسد به المعنى، واستحباباً فيما يحسن به اللفظ أو يستحسن به النطق حال الأداء).
وأما اللحن الخفي فقال: (لا يتصور أن يكون فرض عين يترتب العقاب على قارئه لما فيه من حرج عظيم).
فإذا كان إمامكم يحسن إخراج الحروف ولا يغير مبناها ولا معناها، وإنما يترك ما يحسن القراءة أو يلحن بعض اللحون الخفية، فلا يأثم بذلك ولا يذم عليه، والأولى له أن يكون متقناً للقراءة، لأن التجويد حلية التلاوة وزينة القراءة، وليس بين التجويد وتركه إلا رياضة امرئ بفكه، ويكون ذلك بالتلقي من أفواه المتقنين، والتكرار والتمرين.
وإن كان يخل بالحروف مبنى ومعنى، فالأولى أن يتقدم غيره ممن يحسن التلاوة ويجيد القراءة، إن كان لا يؤدي إلى فتنة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله" رواه مسلم.
وكان أقرؤهم هو أحفظهم، وكانوا لا يحفظون إلا بإتقان التلاوة والعمل بالأحكام، فإن كان تَقَدم غيره يؤدي إلى فتنة ـ أو كان يصلي بمثله ـ فلا حرج في إمامته، وينصح بالسعي في سبل إتقان التلاوة.
وإن كان قصدك بسؤالك أنه لا يطرب أو لا يترنم ويتغنى، فلا أحد من أهل العلم أوجب ذلك فيما نعلم، بل إنهم اختلفوا في جوازه: فمنهم من منعه وزجر عنه، كسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، والحسن، وابن سيرين، ومالك وأحمد. وممن أجازه أبو حنيفة والشافعي وهو اختيار الطبري. وقد ذكر القرطبي أن الأصح هو القول الأول. ومع الأسف فقد وقع كثير من القراء المعاصرين في التكلف على وضع لو أن المجيزين رأوه لرجعوا عن القول بالجواز فيما نظن، فالتكلف مذموم على كل حال، وهو في هذا أحرى بالذم، فالله جل وعلا يقول: (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) [ص: 86]. وقد فسر العلماء التكلف بالتصنع. والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني