الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة من الذنوب التي فيها حق لله تعالى وحق للمخلوق

السؤال

عندي عميل أعطيه كل مستحقاته المادية، ويستفيد من التغطية الصحية، وأحسبه من عائلتي، وقد أعطيته كل الثقة. والآن سرق مني، ولم أدعه للقانون، ولم أطالبه بحقي الذي سرقه، وطردته من العمل، وأعطيته أجرته المتبقية مع زيادة، بالرغم من سرقته، ولكنني لن أسامحه بيني وبين نفسي على حقي. فهل الله -سبحانه وتعالى- سيسامحه إذا تاب، بالرغم من أنني لا أسامحه في رزقي الذي تعبت عليه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالسرقة من الذنوب التي فيها حق لله تعالى، وفيها حق للمخلوق، فالتوبة منها تقتضي أن تكون في الأمرين معا، فمن تاب بينه وبين ربه قد يقبل الله توبته من هذه الجهة، ويسامحه في حقه -عز وجل-.

وأما حق المخلوق: فيظل باقيًا، فإن لم يسامحه يكون القصاص يوم القيامة بالحسنات والسيئات، كما ثبت في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه، أو شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه.

قال ابن القيم معلقا على هذا الحديث: قالوا: ولأن في هذه الجناية حقين: حقًّا لله، وحقًّا للآدمي، فالتوبة منها بتحلل الآدمي لأجل حقه، والندم فيما بينه وبين الله، لأجل حقه... انتهى.

وننبه إلى أن العفو أفضل، وأعظم للأجر، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 27841.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني