الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالسرقة من الذنوب التي فيها حق لله تعالى، وفيها حق للمخلوق، فالتوبة منها تقتضي أن تكون في الأمرين معا، فمن تاب بينه وبين ربه قد يقبل الله توبته من هذه الجهة، ويسامحه في حقه -عز وجل-.
وأما حق المخلوق: فيظل باقيًا، فإن لم يسامحه يكون القصاص يوم القيامة بالحسنات والسيئات، كما ثبت في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه، أو شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه.
قال ابن القيم معلقا على هذا الحديث: قالوا: ولأن في هذه الجناية حقين: حقًّا لله، وحقًّا للآدمي، فالتوبة منها بتحلل الآدمي لأجل حقه، والندم فيما بينه وبين الله، لأجل حقه... انتهى.
وننبه إلى أن العفو أفضل، وأعظم للأجر، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 27841.
والله أعلم.