السؤال
أنا حامل، منذ شهرين وأسبوع. وبعد ثبوت نبض الجنين، توقف النبض، وأخبرني الأطباء أن الجنين قد مات. وأتناول حاليا دواءً لإسقاط الجنين. هل أنا في حكم النفاس أم الاستحاضة؟ وهل أصوم في الأيام التي ينزل فيها الدم في شهر رمضان، وأعيد صيامها بعد رمضان؟
أسألكم الدعاء؛ لتكرار الإجهاض معي كثيرا.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تعددت أقوال الفقهاء في الدم النازل بسبب الإجهاض متى يكون نفاسا.
جاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ: إِلَى أَنَّ السَّقْطَ الَّذِي اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ كَأُصْبُعٍ وَغَيْرِهِ، وُلِدَ -تَصِيرُ بِهِ الْمَرْأَةُ نُفَسَاءَ؛ لأِنَّهُ بَدْءُ خَلْقِ آدَمِيٍّ ... وَكَذَلِكَ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِهِ.
وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ. فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأْوَّل: لِلشَّافِعِيَّةِ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا أَلْقَتْ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً خَفِيَتْ عَلَى غَيْرِ الْقَوَابِل، وَقَال الْقَوَابِل: إِنَّهُ مُبْتَدَأُ خَلْقِ آدَمِيٍّ، فَالدَّمُ الْمَوْجُودُ بَعْدَهُ نِفَاسٌ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَوْ أَلْقَتْ دَمًا اجْتَمَعَ، لاَ يَذُوبُ بِصَبِّ الْمَاءِ الْحَارِّ عَلَيْهِ، تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، وَمَا بَعْدَهُ نِفَاسٌ.
الْقَوْل الثَّانِي: وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ، فَقَالُوا: إِنَّهُ إِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ مِنْ خَلْقِهِ شَيْءٌ فَلاَ نِفَاسَ لَهَا، وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَثْبُتُ حُكْمُ النِّفَاسِ بِوَضْعِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ خَلْقُ الإْنْسَانِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ.. اهــ مختصرا.
والقول الثاني هو المفتى به عندنا، فقد ذكرنا في فتاوى سابقة أن الدم النازل بسبب الإجهاض يعتبر استحاضة إن كان الجنين لم يتبين فيه خلق إنسان، وأنه لا يتبين فيه خلق إنسان إلا بمضي واحد وثمانين يوما.
قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وَمُدَّةُ تَبْيِينِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ غَالِبًا: ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ.... وَأَقَلُّ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الْوَلَدُ: وَاحِدٌ وَثَمَانُونَ يَوْمًا. .. اهــ.
والمدة المذكورة في السؤال: سبعة وستون يوما تقريبا، فهي أقل من ذلك، فيكون الدم النازل استحاضة لا نفاسا، ولا يكون حيضا إلا في المدة التي يوافق فيها زمن الحيض.
ونسأل الله أن يرزقك الذرية الطيبة، وانظري الفتوى: 276394، والفتوى: 321181، والفتوى: 311527.
والله أعلم.