السؤال
كنت أمارس العادة السرية، ولكن حمدًا لله تخلصت منها، وشغلت نفسي، وأكثر ما أشغل نفسي بموقعكم الجميل.
لكن عندي مشكلة: في رمضان الفائت كنت أعرف شخصًا، وأجبرني على أن أمارس العادة معه، ورغمًا عني جاءت شهوتي، ولم أكن راضية عن نفسي، وكان رمضان في زمن حار، وكنت لا أتحمل الحر، وأشعر باختناق، فشربت، وظللت ٦ أيام أشرب فقط، ووعدني هذا الشخص أن يدفع كفارتي على الذي حصل بيني وبينه، وانتهى رمضان، وقال: سأدفعها، ولكني لا أصدقه، فما الحل؟ وما هو قول الشرع في ذلك؟ والمشكلة أني كنت أشرب ماء، فلا بد أن أدفع كفارة، وليس عندي مال، لأدفع مبلغًا كبيرًا، أو أصوم شهرين، فلا أستطيع أن أصوم شهرين، وأريد أن أقضي ما أفطرته بسبب الحيض، والأيام التي أفطرتها أدفع عن كل يوم صدقة، وكفارة يوم واحد، الذي عملت فيه العادة، فهل يجوز ذلك؟ وما رأي الشرع؟ وشكرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالسؤال يكتنفه شيء من الغموض، وعدم الوضوح، والذي يمكننا قوله باختصار هو: أنه من أفطرت في رمضان بسبب شدة الحر، وخافت على نفسها ضررًا، لو أتمت صيامها، أو شق عليها الصيام مشقة غير محتملة؛ فإنه لا إثم عليها بالفطر، ويلزمها قضاء تلك الأيام التي أفطرتها، ولا تلزمها الكفارة بسبب الفطر.
وإن أفطرت مع قدرتها على الصيام، وعدم وجود مشقة غير محتملة، فلا شك أنها أساءت بالفطر حينئذ؛ لعدم وجود عذر شرعي يبيح لها الفطر، وأساءت أيضًا بما فعلته مع ذلك الفاسق.
والواجب عليك التوبة إلى الله تعالى، والبعد عن الاختلاط بالرجال، ومن تاب، تاب الله عليه، وقد قال الله تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طــه:82}، وفي الحديث: التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ، كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. رواه ابن ماجه.
والعادة السرية مع تحريمها، إلا أنها لا يترتب عليها فساد الصوم، إلا إذا حصل إنزال من المستمني، فيجب حينئذ -مع التوبة- قضاء اليوم الذي فسد بالإنزال، ولا تجب الكفارة المغلظة، وكذا إن كان الفطر بسبب الأكل أو الشرب؛ فإن الواجب -مع التوبة أيضًا- قضاء تلك الأيام، كما ذكرنا.
فإذا أفطرت مثلًا ثلاثة أيام، فيجب عليك قضاء ثلاثة أيام، ولا تجب عليك الكفارة المغلظة -والتي هي عتق رقبة، فمن لم يجد، فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يستطع، فإطعام ستين مسكينا- لأن هذه الكفارة إنما تجب إذا كان الفطر بالجماع، لا بالأكل والشرب، وغيرها من المفطرات، وهذا قول جمهور أهل العلم، وهو المفتى به عندنا.
والله تعالى أعلم.