السؤال
أنا تزوجت منذ فترة بابن عمي، بعد أن كنت مخطوبة وفسخت خطوبتي؛ حيث بادر هو بطلب يدي أكثر من مرة، وكان قد أظهر حبه الشديد لي، مشكلتي أكتبها لكم بقلب محروق، ورأس مصدوع، والحمد لله، قبل يومين فتحت اليوتيوب من هاتفي صدفة، وإذا بي أجد في مكان البحث كلمات بحثية عن فيديوهات رقص خليعة، بل ومحتواها به إيحاءات جنسية أيضا، صعقت واعتقدت أن زوجي قام بفتحها من جوالي، فراجعته في الأمر فقال لي هذا لأن (الجيميل) مشترك عندي وعندك؛ لذلك كل شيء يظهر لكِ، سألته لم فعل ذلك أنكر وقال أحد أصدقائه هو من فعلها، وبعد إلحاح اعترف، وبعد أن ناقشته بالأمر أصر أن لا نتحدث في الموضوع، ونتركه، وهو يقول غلطة، ولن تعاد، وأنا غير مصدقة لدرجة أنه ضربني بحجة أن صوتنا عال، وقد سمعه الجيران، بالمناسبة هو يكذب علي كثيرا، ودائما، وقد وجدته يدخل مواقع للشات أيضا على النت، وأشعر أنه مقصر في صلاته، لقد تعبت كثيرا، وتحملت تقصيره من ناحيتي؛ حيث إن عمله من 9 صباحا حتى 9 مساء، ولكنه يتأخر لما بعد منتصف الليل، وأنا لا أراه، ولا أجلس معه. مع العلم أني أخبرته أني أحتاجه وهو يعلم ذلك جيدا، حيث أخبرته أنه بعد وفاة والدتي، لم يعد لي أحد في الدنيا سواه بعد الله، لكنه لا يبالي إلا نادرا، ولا أنكر أنه أحيانا يحاول إسعادي، ولكن وحدتي قتلتني، إنني أتحامل على نفسي وأعطيه حقوقه رغم حزني والجرح الذي بقلبي، أضغط على نفسي لأعفه رغم أني أصبحت لا أطيقه ولا أطيق نفسي، ولا أن يقربني بسبب تلك الفيديوهات التي أصبحت أتذكرها كلما اقترب مني، أنا الآن بانتظار مولودي الأول قريبا، وأتمنى أن تحل مشاكلي.
دعواتكم الصادقة أرجوها، وأن تفيدوني.
والله أسأل أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى، وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل المولى تبارك وتعال أن يفرج همك، وينفس كربك، ويصلح حال زوجك، ويرزقكما السعادة إن ربنا قريب مجيب. ونوصيك بالالتجاء إليه، وطلب العون منه في أمورك كلها، فالأمر في يديه، وهو قد وعد بإجابة الداعي، وتحقيق سؤله، فقال سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}، واستعيني بالصبر، فإنه مفتاح لكثير من أبواب الخير، وفضله عظيم؛ كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 18103. وأكثري من ذكر الله عز وجل، ففي ذكره راحة البال وهدوء النفس وذهاب الحزن، قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}، وأنت أحوج ما تكونين للهدوء في هذه المرحلة خاصة -نعني فترة الحمل- حفاظا على صحتك وصحة الجنين الذي في بطنك.
وإن كان زوجك مفرطا في صلاته بما يقتضي الوقوع في الإثم - كإخراجها عن وقتها لغير عذر - فهذا أمر خطير، ومن ضيع صلاته وفرط في أعظم عبادة لا يؤمن أن يفرط في حق الخلق، وانظري الفتوى رقم: 3830. وإن كان يشاهد مشاهد خليعة فهذا منكر، وهو أشد قبحا وأعظم نكرا حين يصدر من رجل له زوجة يمكنه أن يعف نفسه بالحلال. وإن أظهر زوجك صلاحا في هذا الجانب، فلا تكلفي نفسك البحث عما إن كان صادقا أم لا، روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم. وأثر عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: من خدعنا بالله انخدعنا له. أورده أبو نعيم في معرفة الصحابة. فعامليه بالظاهر والله يتولى السرائر.
ومعاشرة الزوجة بالمعروف مما أمر به الشرع الحكيم، قال الله سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، قال الجصاص: أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف أن يوفيها حقها من المهر والنفقة والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب، وما جرى مجرى ذلك، وهو نظير قوله تعالى: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. اهـ .
وقال السعدي: على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى وبذل الإحسان، وحسن المعاملة. اهـ. وضرب زوجك لك وتأخره عنك إلى منتصف الليل يتنافى مع هذا كله، فلأهله عليه حقا.
فوصيتنا لك أن تناصحي زوجك بالمعروف في ضوء ما ذكرنا، وأن تسلطي عليه من يمكنه أن يستجيب لقوله عند الحاجة لذلك، هذا مع الاستمرار في الدعاء له بخير عسى الله أن يصلحه، وذلك على الله يسير.
والله أعلم.