الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل المولى تبارك وتعال أن يفرج همك، وينفس كربك، ويصلح حال زوجك، ويرزقكما السعادة إن ربنا قريب مجيب. ونوصيك بالالتجاء إليه، وطلب العون منه في أمورك كلها، فالأمر في يديه، وهو قد وعد بإجابة الداعي، وتحقيق سؤله، فقال سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}، واستعيني بالصبر، فإنه مفتاح لكثير من أبواب الخير، وفضله عظيم؛ كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 18103. وأكثري من ذكر الله عز وجل، ففي ذكره راحة البال وهدوء النفس وذهاب الحزن، قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}، وأنت أحوج ما تكونين للهدوء في هذه المرحلة خاصة -نعني فترة الحمل- حفاظا على صحتك وصحة الجنين الذي في بطنك.
وإن كان زوجك مفرطا في صلاته بما يقتضي الوقوع في الإثم - كإخراجها عن وقتها لغير عذر - فهذا أمر خطير، ومن ضيع صلاته وفرط في أعظم عبادة لا يؤمن أن يفرط في حق الخلق، وانظري الفتوى رقم: 3830. وإن كان يشاهد مشاهد خليعة فهذا منكر، وهو أشد قبحا وأعظم نكرا حين يصدر من رجل له زوجة يمكنه أن يعف نفسه بالحلال. وإن أظهر زوجك صلاحا في هذا الجانب، فلا تكلفي نفسك البحث عما إن كان صادقا أم لا، روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم. وأثر عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: من خدعنا بالله انخدعنا له. أورده أبو نعيم في معرفة الصحابة. فعامليه بالظاهر والله يتولى السرائر.
ومعاشرة الزوجة بالمعروف مما أمر به الشرع الحكيم، قال الله سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، قال الجصاص: أمر للأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف أن يوفيها حقها من المهر والنفقة والقسم، وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس والقطوب في وجهها بغير ذنب، وما جرى مجرى ذلك، وهو نظير قوله تعالى: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. اهـ .
وقال السعدي: على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى وبذل الإحسان، وحسن المعاملة. اهـ. وضرب زوجك لك وتأخره عنك إلى منتصف الليل يتنافى مع هذا كله، فلأهله عليه حقا.
فوصيتنا لك أن تناصحي زوجك بالمعروف في ضوء ما ذكرنا، وأن تسلطي عليه من يمكنه أن يستجيب لقوله عند الحاجة لذلك، هذا مع الاستمرار في الدعاء له بخير عسى الله أن يصلحه، وذلك على الله يسير.
والله أعلم.