السؤال
طلقت زوجتي أثناء شجار وعصبية وغضب، وصوت عال، وكنا في رمضان ولَم نفطر، وظل الشجار مستمرا لمدة ساعتين، ثم طلقت، وتركت المنزل في حالة ذهول مما نطقت به، وندمت، ثم راجعتها.
طلقت مرة أخرى في شجار عنيف وعصبية أيضا، بعد تكسير عدة أغراض في المنزل، ثم أفقت على كلمة الطلاق، ومدمن، ثم راجعتها.
الآن زوجتي حامل، وتشاجرت معها مساء السبت حتى فجر الأحد أول أمس، وكنا في حالة غضب شديد، ولَم ننم لمدة ثلاثة أيام، ولَم نأكل وعملت مشكلة مع طليقتي السابقة، فغضبت منها أشد الغضب، ثم أرسلت لها رسالة: أنت طالق، ولم أكن قد نمت لمدة ثلاثة أيام، وبدون أكل وعدم تركيز، وتركت عملي وقضيت اليوم كله بالشارع، ثم رجعت للبيت ورأيتها، فبكيت بحرقة، وأنا مذهول مما حدث، ولَم أعرف كيف أرسلت هذه الرسالة، ومصدوم إلى الآن.
كيف حدث ذلك؛ فأنا في أشد الندم؟!
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحفاظ على استقرار الحياة الزوجية، وتجنب ما يكدرها، أو يضعف كيانها، مهمة أكيدة، ومقصد عظيم من مقاصد الشرع، فبتحقيق ذلك يعيش الزوجان في حال استقرار، ويعيش الأولاد في كنف والدين يسود بينهما التفاهم، ويتغاضى كل واحد منهما عن زلات الآخر، فتدوم العشرة بين الزوجين، وينشأ الأولاد نشأة سوية. وأما أن تصل العلاقة بين الزوجين إلى هذا الحد، فهذا شيء معيب، وأمر سيء، وعواقبه وخيمة. والغضب ينبغي اتقاء أسبابه، ومعالجته إذا طرأ، وهذا شيء ممكن. وراجع في خطورة الغضب وكيفية علاجه، الفتوى رقم: 79334.
والعلماء مختلفون في حكم طلاق الغضبان، والراجح عندنا أن الغضبان مهما اشتد غضبه فلا يمنع ذلك من وقوع طلاقه، ما دام يعي ما يقول، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 337432، فالمسألة محل خلاف، ومن العلماء من ذهب إلى أن من اشتد غضبه بحيث يجعله متخبطا في تصرفاته كالمجنون، لا يقع طلاقه.
وبناء على الراجح عندنا، فإن تلفظت بالطلاق في الحالتين الأوليين وأنت تعي ما تقول، فالطلاق واقع فيهما، فهما طلقتان.
وأما الحالة الثالثة التي كتبت فيها طلاقها، فإن كتبته وأنت تعي ذلك، فكتابة الطلاق كناية من كناياته، فإن لم تقصد بذلك تطليقها، لم يقع الطلاق، وإن قصدت به تطليقها فهي طلقة ثالثة، تبين بها زوجتك بينونة كبرى، فلا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك. وراجع الفتوى رقم: 8656.
وقولك: "مدمن" إن كنت تعني به أنك كنت على سكر، فهنالك خلاف بين الفقهاء في حكم طلاق السكران، فمنهم -وهم الجمهور- من أوقعه، ومنهم من رأى عدم وقوع طلاقه إن كان لا يعي ما يقول. وراجع فتوانا رقم: 11637.
وهذا كله حسب الراجح عندنا في المسائل الخلافية التي أشرنا إليها، ولو أنك شافهت بقضيتك من تثق به من أهل العلم، ربما كان أفضل.
والله أعلم.