السؤال
تزوجت من سنة، وبعد العقد سافرت, ولم أدخل بزوجتي، وكنت أكلمها بالهاتف ومحادثات الفيديو، واختليت بها أثناء ذلك بحكم أنها زوجتي حتى إننا كنا نرسل لبعضنا فيديوهات لأنفسنا أو صورا غير عادية، وحصلت مشكلة فطلبت مني الطلاق، فقلت لها: أمرك بيدك. فطلقت نفسها،
ثم انهارت وبكت، فقلت لها: أرجعتك، وأشهدت اثنين على أنه حصل بيننا طلاق، وأني أرجعتها، وأكملنا حياتنا كالسابق، وتجدد الأمر وطلبت الطلاق بكثرة، فقلت لها: أمرك بيدك. فطلقت نفسها مرة أخرى.
وحين أردت إرجاعها قرأت أن الغير مدخول بها لا عدة لها! فكيف ذلك؟ وهل الطلقة الأولى واقعة؟ وهل كان يلزمنا عقد جديد؟ وهل بذلك لم تعد زوجتي من حينها؟ وهل الطلقة الثانية وقعت؟
ما حكم الشرع في كل هذا؟ وما حكم الشرع فيمن تطلب الطلاق عند أقل مشكلة حتى صار حالنا كهذا؟!
حفظكم الله، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصحيح أن غير المدخول بها، ولم يخل بها زوجها خلوة صحيحة، لا عدة عليها، ولا يجوز للزوج رجعتها إلا بعقد جديد، وراجع الفتوى رقم: 30449، والفتوى رقم: 30332. وما حصل منك مع زوجتك لا يعتبر خلوة صحيحة تترتب عليها أحكام الدخول، وسبق بيان ضابط الخلوة الصحيحة في الفتوى رقم: 116519.
وبناء على ما ذكرنا؛ فالرجعة من تلك الطلقة الأولى -التي فوضتها إلى زوجتك، وأوقعتها- رجعة غير صحيحة. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 110639، وهي عن تفويض الطلاق إلى الزوجة، وأنه جائز، فإذا اختارت الزوجة الطلاق وقع الطلاق.
وأما الطلقة الثانية: فإنها لم تقع لكونها لم تصادف محلًا، والمحل هو: الزوجة، فقد أوقعتها وزوجتك ليست في عصمتك لحصول البينونة الصغرى.
وهذا فيما إذا لم تكن هنالك خلوة حقيقة، وأنك تقصد الخلوة من خلال صورة الفيديو، وأما إن كنت قد خلوت بها حقيقة، فالخلوة لها حكم الدخول، وراجع ما يترتب على ذلك في الفتوى رقم: 96298.
ولا يجوز للمرأة أن تسأل زوجها الطلاق إلا لعذر؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة. رواه أبو داود.
وننبه في الختام إلى المبادرة إلى سؤال أهل العلم قبل الإقدام على الفعل، فقد قال الله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}، ويتأكد مثل هذا في أمر الفروج؛ فإن الأصل فيها التحريم. وننبهك أيضا إلى التوجه إلى أي جهة من جهات الإفتاء في بلدك، أو إلى عالم موثوق فيه إذا احتجت إلى مشافهة بعض العلماء فيها.
والله أعلم.